قالت عميدة كلية العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الجزائر 3، البروفيسور سعيدة سلامة، إنّ معرض التجارة البينية الأفريقية 2025، حوّل الحدود القارية إلى جسور للتواصل، وتحقيق التنمية الاقتصادية المنشودة للأفارقة شعوبًا وحكومات.
أفادت البروفيسور سعيدة سلامة، في تصريح أدلت به لـ «الشعب»، أنه ليس صدفة التئام دول القارة السمراء في الجزائر لتعرض تجارتها البينية، وتستكشف مستقبلها؛ ذلك أن زمن التحولات الجيوسياسية العاصفة، والرهانات الدولية المتشابكة، تبدو أمام إفريقيا خيارا وجوديا..إما أن تستسلم لإيقاع التبعية الخارجية كما فعلت عقودا طويلة، أو أن تعيد رسم ملامح نهضتها الاقتصادية بأيديها.
ورأت سلامة أن ما يجب أن يكون، بعد كل هذه التجارب المريرة مع الوصاية والمساعدات الخارجية، هو أن تؤمن إفريقيا بأن الأمن لا يصنعه السلاح وحده، بل تصنعه التنمية المستدامة، ويُثبِّته التبادل والتكامل بين أبناء القارة الواحدة، والتاريخ يفيد أن يدا تمتد من الخارج لا تمنح إلا بقدر ما تقيّد، وأن الحلول المستوردة لم تكن يومًا سوى أبواب جديدة للاستغلال والاستعمار الجديد.
وتابعت الباحثة المختصة في الشأن الإفريقي: «من هنا، صار هذا المعرض IATF2025 الأكبر من نوعه في إفريقيا، أعلى من مجرد تظاهرة اقتصادية..إنّه دعوة إلى تحويل الحدود من جراح نازفة إلى جسور نابضة بالحياة، فإذا كانت الحدود الموروثة عن الاستعمار قد أورثتنا نزاعات لا تنتهي، فإنّ البديل الحقيقي هو ترسيم حدود أخرى، لا على الخرائط السياسية، بل في فضاءات التجارة والاستثمار والتكامل والاندماج، حدود تجعل من الانقسام شراكة، والاختلاف وحدة، والتنوّع ثروة».
وما ينبغي أن يكون على أرض إفريقيا، هو أن تتحوّل الأسواق المشتركة إلى حقول للأمل، والمشاريع الاستثمارية إلى لبنات في صرح الاستقرار الدائم والاكتفاء الغذائي الذاتي، وأن يصبح التكامل الاقتصادي خيارًا مصيريًا لا شعارًا احتفاليًا، في إطار رؤية مشتركة قادرة على تحرير القارة من قيود التبعية، وعلى إطلاق طاقاتها لتلتحق بركب العالم لا من موقع التابع، بل من موقع الشريك القوي، بحسب قولها.
وأردفت: «إنّ ما تنتظره إفريقيا يتعدى مجرد المعارض واللقاءات، وإنما صحوة تعي أن المستقبل لا يُمنح، بل يُصنع، وأن النهضة لا تُستورد بل تُبنى لبنة لبنة، من الاستثمار المشترك، ومن إرادة حقيقية تجعل التنمية مشروعًا جامعًا، لا مجرد خيار ظرفي».
وفي ظلّ هذه الظّروف، تؤكّد الجزائر بمبادئها الثابتة والراسخة ورؤيتها الحكيمة والواضحة، أنّها في خدمة لمّ الشمل الإفريقي، وتؤمن بأن الحلول الأفريقية للمشكلات الإفريقية هي السبيل الوحيد لبناء قارة قوية وسيدة ومستقلّة، وتلك هي رسالتها التي لم تحد عنها منذ حقبة التحرر التاريخية، ولن تحيد عنها في زمن التنمية الاقتصادية، تذكر عميدة كلية العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الجزائر 3، البروفيسور سعيدة سلامة.