وحيدون نحن يا الله
نحن أبناء النشوة الخفيّة
واللقاءات السريّة
نحن أبناء الوعود الوردية في ليالي الهمس
غادرتنا أمهاتنا....خوفاً
حين أشرقت شمس الخذلان
فعرّت كذب العابرين فوق ملح الجسد
قايضن بفرصتنا في الحياة
فرصتهنّ الثانيةَ
في تجديد الولاء لأعراف القبيلة
تركننا على أعتاب الدروب المظلمة
ومكبات النفايات..وأبواب المساجد
ليُكْملن حياتهنّ في ٱنتظار أن ينْسينَنا
ونبدأ حياتنا في ٱنتظار أن يتذكّرننا
غادرتنا ملائكتك يا الله باكراً
حين نبتت لنا بدل الأجنحة أنياب ومخالب
تعلمنا ان ننهش بها وجه القدر
حين كان أقراننا ..يتعلمون الحبْوَ
ويبكون خوفا في الظلام...
لا نعرف شيئا عن العادات البسيطة
التي يحاول الناس _عبثا_
أن يعلّموها لصغارهم..
غسل الأسنان جيدا قبل النوم
تزرير القميص بشكل صحيح
ونزع الحذاء قبل دخول البيت
نعرف فقط...
أننا لا ننزع حذاءنا أبدا..
لأن لا بيت ندخل إليه..
وأننا قبل النوم
نتدثر أضلاعنا..ونتشبث جيّداً بالحذاء
ولا وقت لدينا للبكاء
فقد غادرتنا الدموع أيضا
وصار حزننا غضبا..وعنفاً
يرد عنا قسوة نظرات العابرين
مُبعدون نحن يا الله
وجوهنا كانت جميلة
قبل أن تنطفئ في عتمة الليل
حيث استضأنا ببراءتنا
وأشعلنا أحلامنا وٱجتمعنا حولها
تركناها تحترق حلما حلما
لنتدفأ بها..في برد الشتاء
كشمعةٍ ودّعت آخر الوهج
حين ٱمتدت يد الظلام
لتعصر آخر قطرةٍ..تتشبّث بالفتيل
ومع كل هذا فهم يملكون الجرأة
ليصفونا في الروايات..
وفي أحاديثهم خلف المدافئ
بالمتشردين...ذوي الوجوه القاسية
غرباء نحن يا الله...
يجرحنا كل ما يفرحهم ..
تجرحنا الأعياد...
و موسم العودة الى المدارس
حفلات الميلاد..
مدينة الملاهي..
تجرحنا الصباحات الجميلة التي
يخرجون فيها مجتمعين للنزهة
تجرحنا نظرات الإشفاق..
ودموع التماسيح في عيون من يطمئنون على انسانيّتهم عبرنا
وتلك الأسئلة الحارقة
ما اسمك؟
ما قصتك؟
اين أهلك؟
من نحن إذن ؟؟؟
نحن من نجعل العالم بشعا
لتحاولوا أنتم إصلاحه
بالكثير من الخطابات
والشعارات..والكثير من المال
الذي يصلح كل شيء حولكم
عدا صباحاتنا القرمزية اللون..
وجودنا ضروري لكم..
لتعلقوا عليه كل سقطات الكون
نحن من أفسدنا البلاد...
وخربنا الشوارع
ومزقنا كراسي الباصات
نحن من نلوث أشجار الحدائق
وننام تحت سياراتكم الفارهة
نحن من نسرق هواتفكم..
وحقائبكم...وبيوتكم...
لندفع ثمن جرعة المخدر اليومي
الذي ينسينا ..أننا وإيّاكم
ننتمي لعالم واحد...
وإله واحد