يرمي بطاقة في وجه صديقه:
- الآن سوف تعلم كم أنا عبقري.
يلتقط من على الأرض البطاقة، وينظر إليها بتمعّن شديد وعيناه تكاد أن تخرج من رأسه:
- كيف تمكّنت من.
يؤشّر صديقه بيده كعلامة للتوقف عن الكلام:
- بعبقريتي فقط لا غير.
- ما دخل عبقريتك كما تدّعي بقبولك في إتحاد الكتاب..!!
نظر بعد انتهاء كلامه إلى البطاقة مرة أخرى:
- صورة من على البطاقة، أن الاسم هو اسمك لكن الصورة ليست لك، هذا تزوير لمستند رسمي..؟
- أي تزوير، كفى، أن الصورة في البطاقة هي صورتي.
- صورتك، هل أنت تهذي، أنّ صاحب الصورة رجل يبدو عليه طاعن بالسن.
- نعم أنه أنا.
- أفضل لك أن تتلف هذه البطاقة، وإلا سوف تعرض نفسك لمشاكل كثيرة أنت في غنى عنها.
ترتسم ابتسامة صفراء على وجهه:
- لقد تقمّصت شخصيتهم وأصبحت صورة طبق الأصل منهم.
- ماذا فعلت..؟؟
- لقد قمت بإطالة شعري بشكل غريب، وارتديت نظارة جدي الراحل وبذلته القديمة كذلك، واشتريت غليونا وجعلته لا يفارقني إمّا بيدي أو داخل فمي.
- هل أنت ممثّل أم كاتب..؟؟
- كاتب طبعا لكن هم يعشقون الماضي، والغاية تبرّر الوسيلة، ودعني ولا تقاطعني حتى أكمل ما قمت به دون زيادة أو نقصان.
يحرّك الآخر رأسه كعلامة الموافقة دون أن ينطق بكلمة:
- بعدها ذهبت إلى المكتبة ووجدت كتابين قد نال الغبار والزمن منهما لطه حسين ونجيب محفوظ، فأعطاني الكتابين مالك المكتبة مجانا حتى يتخلص منهما.
- حقّا أنت مجنون.
يجيب بلا تردّد:
- ما إن وصلت إلى اتحاد الكتاب حتى رحّب بي الجميع ودعوني للجلوس، وكأنّي ملاك قد هبط لهم من السماء.
- هذا شيء عادي من عمالقة الثقافة والأدب.
- وهل هو أمر عادي أن زيارة واحدة فقط كانت كفيلة بإعطائي بطاقة العضوية، وأنت تحاول الحصول عليها منذ ثلاث سنوات ولم تحصل عليها حتى يومنا هذا.
صفّق الصديق لصديقه، وهو مبهور بما قام به:
- حقا لقد عرفت «من أين تؤكل الكتف» بعبقريتك، وأنا أعترف وأرفع لك القبعة.