كم مرّة تجاهلنا ذاك القلب الرّابض على حافة التوسل، يتوسلنا ولو قطعة شفقة، بعض البقشيش من الاهتمام،لكننا لا نأبه به، نتجاوزه ونعرض عنه، نتخلّى عنه، ونحن لا نعلم بأننا من نحتاجه وليس هو يغشى على قلوبنا،نلتحف وشائح البلادة، ونتوه في دهاليز المشاعر الناشفة، نتوق فيها لارتشاف القليل من الاهتمام. بل وتزقزق عصافير جوارحنا لقلب آخر، ذاك الذي بعلاقة استطرادية ليس لنا.
كم مرّة أطلقنا سهام التجاهل نحو تلك العيون الصادقة،تلك التي كانت ترقبنا من بعيد…تتأمّلنا في هدوء قاتل،تموت في الدقيقة الواحدة ألف مرّة، تتجرّع سم لامبالاتنا وتبلعه في صمت.. لكن الشيء الغريب أنها في كلّ مرّة تكتسب مناعة ضد تجاهلنا فيصير مقدار حبّها أكبر، أصدق وأنبل..
ذاك هو.. القلب الصادق .. بل إنّه الحبّ الصادق، نعم.. لم نره، لم نستشعر دقاته، التي كانت في حضرتنا تثور على الطبيعة، على العلوم وعلى كلّ قوانين العالم لتقول.. ها أنا ذا..أدق للحبيب أكثر من ستين دقة، إنه ذلك الحب الذي يصرخ في وجه العالم ليقول: ’’أحبّك بعدد دقات قلبي، وسأبقى أحبّك إلى أن يفنى عمري.
يا خافقا بقلبي دقاته… لو تصلح بوصلة مشاعرك، لتدلّنا على الحب الحقيقي، من يستحق وفاءنا وتقديرنا مدى الحياة.. أصلحها ولو على حساب تعاسة دقيقة.. حتى لا نضيّع عمرنا كلّه في ارتشاف مرارة سنون وسنون.. وأني متأكّدة بأن التوهان لدقيقة.. ليس كالتوهان مدى الحياة.