سجينُ الدار يؤنسني اصطبارُ
وأرقُبُ ما بنشرتِه فُرارُ !
بنفسي من يغادرني عزيزٌ
عليّ، ومَن قرابتُه مَنارُ
وأضحى مَن أصبح لا أراهُ
وأذكرهُ إذا عميَ النهارُ
ألا ليتَ الكرونَ شبيهُ شخصٍ
ليقيْ شرَّه، اليومَ، النِّمارُ !
لقد عانى أنامُ الأرض منهُ
وبالاً، عيْنُ غاياتهِ التبارُ
فصبراً يا أناسي إذْ أُصبتمْ
إذا ما طال بالكرَب المسارُ
كأنّ الناس قبل غروب شمسٍ
ضعيفُ العقل خلّفه القطارُ
وقد كانت شوارع كل قطرٍ
تعجّ بهم إذا جاؤوا وساروا
أخي الإنسانَ ياخَلَفَ الإلهِ
متى كانت حواضرُنا تُبار؟!
بكى لفراق مَن يهوى الفؤادُ
ففاض الدمعُ والتهبَ المدارُ
كأنّ قذيفةً نزلت بقلبي
لها في هامتي عطبٌ كُبارُ
ألا مَن لي بخيركَ يا وجودُ
ومَن لي أن أبرّكَ يا نُضارُ
طوتكَ صُروفُ دهرك بعد يُسرٍ
وكذاك صروفُه سودٌ كِثارُ
بكيتُك يا قتيلُ بدمع رُوحي
فما أغنت بكاءاتي الغزارُ
كُرونا قد تجمّع فيه خبثٌ
وفيه تجمَّعت غِيَلٌ كبارُ
وفيّاتٌ بآلافٍ وحزنٌ
وأعمارٌ ليس لها اختيارُ
على أنَّ البلا شرسٌ عميمٌ
وفتَّاكٌ، خفاياهُ شِرارُ
يقولُ صحابتي لمَّا رأوني:
هزَلتَ، وكنتُ يصحبني اقتدارُ
لجائحة ابْنةِ الصينيِّ تُبدي
أذًى في الحلْق يعقبه احتضارُ!
وتحمَّلتُ مخاطراً وحملتُ صبراً
يضاهي حمْلَ ما حملتْ بِحارُ
كلانا يا مُصابُ يودّ بِشْراً
ولكنْ عند كورونا القرارُ!
ولستُ أرى السلامةَ تحت سقفٍ
ولكنَّ السلامَ هو الحذارُ
أرى حولي جميع الناس صاروا
يُؤانسهمْ مدى الوقت الجدارُ
أغار على الجميع بنُو بكينٍ
فما وجدوا الطبابةَ مذْ أغاروا
أتى وقت المسار إلى الإخاءِ
إلى حيث المكارم يا خيارُ
كتبتم سفرَ رسالات خُلدٍ
تسامى فعلُكم وصفا الجِوارُ
سِوى أن الوباء قد جاء سرًّا
فليس له خُطى، وله انتشارُ