كلما أجلس في قاعة الانتظار في عيادة خاصة، إلاّ ويخطر علي هذا السؤال، وهو سؤال قديم عن علاقة الطب بالأدب، وكيف يتأتى للطبيب الوقت الكافي لكي يُفكر، يكتب ويشطب ؟. وهو وقته بالكامل مُخصص لمرضاه، أو لتطوير نفسه بالاطلاع على المراجع الطبية الضخمة.
والعجيب أن من أشهر الكتاب مارسوا الطب، ولعل أبرزّهم الكاتب والقاص الروسي أنطوان تشيخوف الذّي يضرب به المثل دائما عن العلاقة الحميمة بين الطب والأدب ! والكاتب البريطاني أرثر كونان دويل رائد أدب الجريمة والتشويق ومُبتكر المحقق العبقري شخصية شارلوك هولمز، والقاص المتميز ذو الإنتاج الوفير في القصة القصيرة يوسف إدريس والروائي علاء الأسواني والقاصة عزّة رشاد والكاتبة المثيرة للجدل نوال السعدواي التي تعتمد على خبراتها الطبية في تحليل ظواهر المجتمع مصبية أحيانا ومخطئة في أغلب الأحيان! وكذلك الروائي السوداني أمير سر تاج...
وهؤلاء وغيرهم كثيرون لهم أبداع وفير، متنوع ومميز في الإبداع الأدبي والروائي، وقد استفادوا أجمل الاستفادة من ممارسة مهنة الطب في الخلق الروائي والقصصي.
وقد كان الأدب أجمل هواياتهم وهم يمارسون مهنتهم ثم ما لبث أن تحولت الهواية إلى حب للأدب والإبداع الأدبي.
وأثناء انتظار دوري يطرأ على بالي أيضا سؤال متمم لماذا لم يشتهر عندنا كاتب أمتهن الطب، فمعظم كتابنا الكبار والمشهورين جاءوا من عالم الأستاذية والتعليم أو من عالم الإعلام والصحافة.