كان الوقت غسقاً عندما زارتني إحدى نوبات أفكاري الجنونية ... لأتعثر بعشرات الأسئلة المتناقضة، شعرت بالضياع فجأة ... وكأن قوة خفية تدفعني عنوة إلى هوَّة من الأسئلة التي أتهرب منها
أنا واحد من سبعة مليارات أو يزيدون تسكن الأرض لكل منا معتقداته ومبادئه.
ولكن لماذا أنا ؟ ما الذي يريده العالم مني أو ما الذي أريده أنا من العالم ؟ أنظر إلى المرآة بشك وحيرة ...أتلمس ثنايا وجهي بيدين مرتعشتين كأنني لا أعرفني ... ثم أتساءل ببلاهة من أنا ؟
أنا صباحات هادئة... وليالي مُدْلَهِمَّةٌ ثائرةٌ على قلوب البائسين والعاشقين ...أنا سكونٌ بعد عاصفةٍ هوجاء وثورة من المشاعر الشَّعواء ...أنا هدنةٌ بعد حرب لا منتهية. أنا ظلام أدهم وخيط الصباح المنبثق من ظلمة الهزيع الأخير من الليل ...
أنا جنة خضراء التهمت أغصانها الندية ألسنة نيرانٍ متأجّجة ...
أنا قبلة لقاء و حضن وداع، أنا بكاء طفل يخرج للحياة أول مرة،
احتضار شيخ وخط الشيب عارضيه... أنا نظرات زائغة ... نظرات أم وقفت على عتبة البيت تنتظر عبثا... ابنها الذي لن يعود. أنا ضحكة طفل يعيش بسلام في كنف أسرته،
وفرحة طالب مجتهد نال مبتغاه ...أنا حرية منكسرة تغفو وراء قضبان حديدية، وأنقاض مدينة بعد انفجار قنابل ذرية، أنا أجراس كنيسة محطمة، وآذان الفجر في مساجد مهدمة ... أنا شذراتٌ من كتاب متهرئ وأوتار قيثارة ممزقة ... أنا شآبيب مطر تهاطلت على أرض قاحلة، ووريقات ذابلة من زهرة الاوند ...
أنا استهلال بين النجوم وقصائد مكبوتة... أنا المعزوفة الأخيرة لإينودي لودوفيكيو، وإعتباطية بيكاسو في لوحاته الفنية ...
أنا محاولات فاشلة في مجابهة الحياة وصبر طويل بين جنبات أقدارها ...أنا الحقيقة المتبددة بين أوهام زائفة... وأكاذيب جنونية
أنا ضائعة بين كل هذه التفاصيل وأحاول أن أجدني وسط كل هذه الفوضى من الاضطرابات الوجدانية...
ولكن عندما أنظر إلى داخلي فأصغي إلى امتلاءات عقلي وأجس نبضات قلبي ... أعرفني ..أنا سجية إنسانية وفطرة إلهية ...
أنا كتلة من الأفكار والقيم والمعتقدات الراسخة تجابه الحياة كل يوم لتكتب سطورها في تاريخ البشرية ...أنا قصة غير منتهية... هل تريد أن تقرأ.