الفاتح من شهر فبراير: الثالثة والنصف صباحاً، كانتْ الرياحُ تعوي تمُد أنيابهَا وتلتهم بشراهة أوراق الشجر، أمّا أنا كنتُ في مكان ما لا أدري أين تحديداً، شاردة الذهن كلياً أتأمل وشاح جدّتي الملقى على الأريكة، لم أستطع أن أرى لونه بوضوح، لكنه جعلني أتذكر ما كانت تقوله: «إنه ليس بوسع أحد أن يبلغ الفجر من دون المرور بطريق الظلام».
كنت هادئة جداً كما لم أكن من قبل، جعلني هذا الهدوء المرعِب أمتصُ بقايا الغضب بداخلي؛ انفردت بإحدى الزوايا لأكتب مجدداً وأنا أتجرّعُ الوجع الذي تركته بداخلي ولا أكاد أصرخ، أنت لاتدرِي كم من القوّة أسرفت لأمضي وَكأنّ شيئاً لم يحدث.
كنت أترجي قلبي دوماً أن يكفَّ عن البُكاء، لكنهُ كان أخف من قطرة غيث وأثقل من تلويحَة وداع، كل الأشياء الجميلة التي كَانت بداخلي ودّعتني وأعلم أنها لن تعود مجدداً.
تنازلتُ وتناسيت قديمي وما كنتُ، أصبحت جديدة الطِباع معك ونسخة طبق الأصل منك، حوّلتنِي .. أبدلتنِي وغيّرتني بحبك .. كيف أعود لسابق عهدِي أخبرني ؟
لن أغفر لكَ هذه المرّة؛ سوادك تمدّد إلى كياني وتفرع كجذور شجرة يائسة حتى طغى على الألوان الزاهية في داخلي.
معك تماديتُ في التنازل حتى انكمشتْ وبالرغم من الاختلاف الذي كان بيننا أقحمتْ نفسي على البقاء في عالم لا أنتمي إليه، لم تعد لديَّ الطاقة الكافية، أظافر وجُودك قويّة وجلد التحمّل أصبح حساسْ ..
ابتعد عن طريقي أرجوك.