قصيدة نثرية

«خُزعبلات الواقع»

هاجر زيادي

لم أفعل شيء..
سوى أنني إحتضنت وسادتي ونمت كما ينام
النيام..
  حاولت حينها أن أستعير لحظة من الزمان..
 لحظة يكتنزها عزف الكمان..
فولجت فيها وكلي فرح و سلام..
 رقصت فيها الباليه بتناغم كله راحة وأمان..
 أحسست حينها أنني خالية من الأحزان..
شعرت أنني في شيء من الخيال..
حلما تلمُسه و تتمعن فيه كحقيقة تقال..
حلم يأخذ بك لمعاني السعادة دون سؤال..
في تلك الوهلة، أوشكت على الهرب بها قبل أن يلحظني الزمان..
فيكشر أنيابه في و يحكم علي بالإعدام..
فتحت يداي المرتجفتان وأخذتها بالأحضان..
وطلبت منها أن تسايرني في هاته الأيام..
وأن تبقى معي إن كان في ذلك إمكان..
فقد يأست من القصف و عيش المخيمات..
وأنني لبيتي أحن وكرهت صوت المتفجرات..
وأنني لصوت بائع الزهور في البولڤار (الشارع) أقتات
وأمقت بصراحة تعدد الشهداء في الإحصائيات..
أخبرتها أنني مذ ولدت صرختي إمتزجت بصراخ المقاومات،
وأن طفولتي مسلوبة وأنا ابنة السبع سنوات..
أشفقت على حالي ولي ابتسمت وكاد القبول منها يوضح في ثبات
لولا الزمان و آه منك يازمان.. سلبها مني قائلا بعض الكلمات
- كيف لهاتين اليدين الصغيرتين أن تسرقان؟
- لم أسرق لكن إستعرتها لعلّ حالي يزوره بعض الاطمئنان  
-أنت سارقة و السارق يدان
دمعت عيناي و كدت أدنو منه متوصلة في الآن
لولا صرخة أمي وألف آه من تلك الصرخة
صرخة انتشلتني من نومي وارتجفت لها اليدين  
وضجة كرديالية في ذاتي لها ارتبكا الوريدين..
أسرعت لها و أنا أحاول مسح  بقايا النوم من وجهي في ثوان
إنصدمت من أمي تزغرت وعينيها تبكيان
 و الجارة وابنتها باسم الله يكبران
 أما أبي منبطح الأرض مغطى الوجه، اقتربت منها والدموع في العينين
وصوت يشوبه بقايا بكاء:
- لم أفعل شيء، لم أفعل...
مسكتني و لحضنها أخذتني في ارتخاء
-أباك أستشهد بنيتي، واليوم له سنؤدي العزاء
-إنه ذنبي يا أمي، و لولاي ما كان سيحدث الأسى
-وماذا فعلت أنت؟، هذا ما قدره الله وشاء
- و لكن يا أمي، ألم تخبريني أن الذي يسرق يقطع يده فقط، ولكن الزمان قطع جسدي لأشلاء
وما عساني جمعه فكل شلو في كل مكان إرتمى..
في تلك الوهلة ضمتني لصدرها نبع الحنان
 ظنا منها أن موت أبي جعلني أهذي وما بي هذيان
لكن فقط أصبت بخلل زلزل كل ما فيني من أركان
فاستشهاده ذر على نفسيتي أثر لا يستهان
و أن أصدق أنني يتيمة فهذا أمرٌ محال..

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024