هلْ جادَكَ الغيثُ أوْ مرّتْ بكَ الإبِلُ..
مازلتَ صَبّاً ويبكي قُربَكَ الطّلَلُ..
منْ ذا يودّعُ ركْباً من قبيلتِنا
يحدوهمُ الليلُ والأشعارُ والعِلَلُ..
يا نائحَ الطّلحِ والنوّاحُ في هرَجٍ
مُذْ عهدِ نوحٍ لنا في نَوْحِنا مثَلُ..
حيّيتُ سفحكِ والشّطآنُ مجدبةٌ
والحقلُ جُرّفَ والأشجارُ والنّخَلُ..
لمّا أردتُ أريحُ النّفسَ منْ عَثَرٍ
حتى تطاولَ جُنحٌ طائرٌ خضِلُ..
أمضيتُ عمراً وفي التّرحالِ أسئلةٌ
عزَّ الجوابُ وقدْ ضاقتْ بنا السُّبُلُ..
يا مبضعَ الغدرِ، يا أوجاعَ مُحتضِرٍ
كمْ كادني الدّهرُ والأصحابُ والأهَلُ..
أضحى التّنائي بديلاً عن تقاربِنا
وراهبُ الدّيرِ(بّطّالٌ) ولا شُغُلُ..
ماذا تقولُ لأفراخٍ تُسائِلُنا
عيْشاً كريماً، فقدْ (داحوا) وقدْ رحلوا..
كلُّ الدّنانيرِ في الحاناتِ تسكبُها
فوقَ الرؤوسِ، وبينَ الصّدرِ تشتعلُ..
للزّرعِ تحرقُ حتى لا يكونَ لنا
أمْنٌ وخبزٌ وتفنى السّوقُ والعملُ..
للغيرِ تفتحُ أبواباً مشرّعةً
كي تحجبَ الشّمسَ عنّا حين ترتحلُ..
قُلْ لي –بربّكَ- لمْ تشبعْ فقدْ سئمتْ
عشرون حولاً مضتْ لم ينطقِ الجَبَلُ..
ماذا تريدُ وقدْ شاختْ مطالبُنا
فأحذر فإنّ صحافَ الجوعِ تقتتِلُ..
ماذا تبقّى وقدْ صَفّرتَ ما بقيتْ
فيها الخزائنُ لا مالٌ ولا وَشَلُ..
قومٌ إذا الشّرُّ أبدى ناجذيهِ لكم
لا يُمسِكُ الحُرَّ قمعٌ لا ولا الحِيَلُ..