من ذا أكونُ ؟ ومن تكونْ ؟
همستْ لي َ الشجرةْ،
بماضيها العريقْ،
إيهْ... كم هبَّ من ألمٍ،
كم بلّلَ المطرُ الغصونْ.
نطق التراب بثقلِه:
إنّي أنا المحزونُ فيكم،
كم من الأقدام داستْ،
كم من الأنهار ..قد جرفتْ رُفاتاً،
كم تطايرتُ مع الرّيحِ ...
ثمَّ هويتْ.
فاسترسلتْ في همسِها الشجرةْ،
لو كنتَ قد صنتَ العهودْ،
ما كان رّيحاً طيّرَكْ،
أرسلتُ جذعي في عميقِ الأرضْ،
هيا تشبّثْ بالجذورْ،
وكنْ عميقاً ... لا تُداسْ.
وهمستُ - مضطراً أنا - للرّيح،
أيُّ التراب - وحسبَ ما بعثرتِ من أزلٍ -
أيّ التراب يَلينُ لكْ ؟
ضحكتْ ... تعالتْ ثم عادتْ،
واحتوتني ... ثم قالتْ:
مَنْ خانهُ الحظُ وأفلتَ للجذورْ،
أذروه - طبعاً - كالهشيم ... ولا أصونْ.
فحمدتُ اللهَ في سرّي..
و قبّلتُ الغصونْ،
إذْ أبلغتني ....
من ذا أكونُ .. ومن تكونْ .