يحْدث انْ تهتزِّ حواسكِ هزةً لتتوقفَ بعدهَا عنِ الارتباطِ بالواقعِ فيصبِح كل شيئ بلا قِيمَة ... اني اشعرُ بالضياع ثمّـة ضـوءٌ لكننِـي لا أراه، ثمّـة نافذة لكنّـها مغلقـة بإحكَـام، ثمّـة وطـن لكنّـي لا أشعر فيه بالحـياة، ثمّـة قلـم لكنّ الحروف خرساء، ثمّـة كلام لكنّـني أصمـت باستمـرار ..! وگأنني أُوشِكُ على الغرق... أكاد اختنقْ! إنّ ما بداخلِـي كبيرٌ جدّا، و لستُ أقوى عـلى احتوائِـه، أكـاد أختنـق كيـف أخرجـه! الدمعـة الأولى تأبى النزول، وأول الصّـوتِ يرفض الخروج، والكـلمَـة الأولَـى لم أجدهَـا بعد، غمرتنِـي الفوضى
وَأفقـدتنِي أول كلّ شيء، وهـا أنَـا عالقـةٌ بالمنتصف؛ هذا المنتصف الذي يسحبنِـي نحو اللامكان، يصـرّ أن يضعنِـي في الفراغ،
ويحيطني بقوسين، تقفز فوقِـي الكلمات وتتخطاني، تتصادف بي الأسطر وتجتازنِـي، تبصرني الأعين وتصـرّ على نكرانِـي ثم إنّه يـُرهِقني أنّي مَليئـة بِما لا أستطيع الاِعتـرافَ بِـه وَالمرهـق أكثر أنّي حتّـى لو اعترفـت لن يفهمنِـي أحد ولن يتغـيّر في الأمر شيء لهذا بعض الكلمات نصيبهـا أن تتهاوى فِـي دواخلنـا وتبقى هنـاک للأبد..! كيـف أشرح أنِـّي مـا عدت أهـلا للأحاديـثِ اليومـيّة، أقـفز هنَـا وهنـاک، تتـلاعب بِـي السّطور و كأنّـي أرقص رقصَـة درويـش خـرج مِـن الحَـانة للتّـو، كَـيف أفسّـر عـجزي في الإجـابَـة على سـؤال روتينـي تَـافه، وَكيفَ أبـرر فشلـي فِـي تجـاذب أطرافِ حـديثٍ طبـيعي.. إنـّي مستـنـزفَـة، لـدرجةِ أنّـي قـد أيـقنت أنّ الوحـدة هي المَـكان الأنسـب لِـي، وأنّ الصّـمت هـو مَـلاذي الوحِـيد الـذي يضـمني لصَـدره مهـما حَـدث .. وأنّ قلمي هو مُنعِشي الوحيد في أيام غَيبُوبَتي.