قصة قصيرة

التنمر

هاجر زيادي

ظننته يوما رائعا.....في مدرستي الجديدة.... في مدينة لم أتعود معيشتها فأنا بنت الرمال.. بنت الصحراء
لكنه كان عكس توقعاتي كان يوما فظيعا فقد أنتهكت فرحتي فيه بعد أن إعتقاد أن المدرسة مكانا غير الشارع...
سرت بخطوات متباطئة كي أحاول أن أسترجع ما حدث لي اليوم في المدرسة..

أتعرفون ما حدث!!

ما إن دخلت للقسم حتى تحولت ابتسامتي لغيض أكبته فقد رأيت في ملامحهم إستهزاءً سبق أن تعرضت إليه في الشارع...يلمزون أنفسهم، يتبادلون نظرات ساخرة لكن مع هذا أردت أن أتجاوزهم و أعرف بنفسي كما طلبت المعلمة لكن هاته المرة انفجر الجميع ضاحكا على لكنتي و الذي أدهشني أن المعلمة شاركتهم الموقف.
أخفيت غيضي ودموعي تحت شعري المجعد الذي طالما كان مظلة سيئة الصنع وإتخذت لنفسي مقعدا للوراء، و حينما هممت بالجلوس أمام إحدى الزميلات ( بل إحدى المتنمرات) نظرت لي نظرة مشمئزة وهي تغلق أنفها متحججة أن رائحة المسك الذي أضعه رائحة كريهة مما جعلني أنسحب بصمت أحمق مختارة الجلوس وحيدة وهنا تأكدت أن المدرسة لا تختلف عن الشارع في شيء..
دخلت للبيت و اتجهت للمطبخ كي آكل لقمة أسد بها جوعي لأنني لم آكل شيئا منذ الصباح، فكيس لمجتي اختطفوه مني وقت الراحة عنوة دون ان يعيروا انتباه لصراخي أو بكائي.
كان لابد لي أن أحضن وسادتي و أبكي على أول يوم لي في المدرسة لكنني لن أفعل فقد اعتدت على الأصوات التي تركل مسامعي بضحكات و كلمات عنيفة و اعتدت على الأشباح التي تستخف بشكلي و وجودي في الشارع و تلقبني بـ»الصومالية»  لأنني نحيلة بسحنة سوداء و شعر مجعد، و أيضا أنا اعتدت حياتي في هاته المدينة رغم تعرضي لمواقف قاسية، فمثلا ذات مرة تعمد احدهم على وضع حفنة تراب في شعري و رغم بشاعة ذلك الموقف، إلا أنه لم يكن قاس كموقف طفلة بعمر الرابعة تبكي ووالدها يحاول إسكاتها قائلا: هيا أسكتي و إلا ناديت على الغولة «، مشيرا لي طبعا، مما جعلني أتسمر مكاني وسط قهقهات المارين حولي، لا أعرف ماذا أفعل، لكن في الأخير هممت بالركض مبتعدة عنهم
انزويت لغرفتي لأبدأ رحلتي بعيدا عن واقع طالما أستهجن شكلي ووجودي، مؤمنة أنني سأجد سر اختلافي عن غيري، رغم أن الواقع كسر ثقتي بنفسي و هدد طموحي بالإنقراض إلا انني سأحاول ، فشرف المحاولة يكفي على أن أبقى في دكة البكاء و العويل على حال أستطيع أن أغيره إن أردت و أثبت للجميع « العود اللي تحقرو يعميك».

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19626

العدد 19626

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024