تعال لنجلس إلى طاولة تشبه خارطة الجزائر، ولنأخذ معا رشفة من الحرية في فنجان على شكل نجمة حمراء، فلنسق تلك الزهرة الذابلة في الشرفة، علها تتفتح فتزين منزلنا الذي غزته رطوبة الخوف، ولنلق نظرة على تلك الجموع الهاتفة للأجمل، ثم لنرسل لها الشكر إذ أزاحت غمامة الرعب في قلب جيل كامل، فلنشكرها أن أشرقت جدران كل منزل، وبدأ الدفء يغازل زجاج النوافذ المغلقة، يستأذنها الدخول في عجل، تلك الجموع التي سبقت الجميع إلى الهتاف، وإلى حمل سلاح جميل مسالم، فضربت بقلم و «كرطون» عنقا طالت، شربت ماء النهر، وراحت تعصر غيم المطر، فلنشكر تلك الزهرة أن أرجعت النور للأربعبن مليونا أوقدت الأمل في النفوس...
تعال معي لنشكر، وقد حق علينا الشكر لتلك الآلاف التي منحتنا جرعة من الحرية، بعد أن جفت أمالنا، وكاد القحط يقضي على الشباب في أمتنا، تعال لنشكر قوس الفرح الذي ظهر بثلاثة ألوان فقط في سمائنا، تعال لنشكر الثاني والعشرين من فبراير، فلنشكر يوم الجمعة وصلاة الجمعة وجموع الجمعة المباركة تعال بقوة شوارع الوطن، ورايات الوطن، ولافتات الوطن ... كل شيء حتى الحجر، فقد حق علينا الشكر.. فلنشكر ولنحتسي الدعاء لأنا لا نعلم هل تجهز مسرحية أخرى خلف السُّتر، أم أننا سنرتوي حرية، ثم نروي عطشى آخرين، فلنشكر الإله معا .. ولنتضرع معا .. ولنعمل دائما معا ... لأن الوطن لنا.. معا لأننا معا ودوما نحن الوطن.. .