كان يومها عيد ميلادي الخامس عشر، كنت سعيدة جدا، خاصة مع وجود حركة في البيت لم أعهدها سابقا، خلتهم يجهزون للاحتفال بيوم مولدي، أخذتني أمي لغرفتها ألبستني أجمل ثوب، وقفت أمام المرآة
وكلي تلك النشوة التي تشعر بها النساء وهم يرون جمالهن بارز، وفي رمشة عين انقلبت الموازين، زفوني إلى بيت لا أعرف شخص منه، سمعت الكثير من المباركات لكن لم استوعب بعد ما لذي أنا على وشك خوضه، انفردت بي أمي وقالت «لقد صرتي عروس، تغيرت مسؤولياتك عليك إذا تحملها» وتركتني وآلاف الأسئلة تراودني، وجدت نفسي زوجة شخص آخر يكبرني ضعف عمري وربما أكثر، قدمني أهلي لزوجي في طبق من فضة، فتناولني زوجي نيئة. التهم طفولتي وأحلامي الوردية، وانتهك برائتي كان ذلك اليوم كابوسا بالنسبة لي. يوم مولدي اغتُصبت طفولتي، أُجبرت على تحمل المسؤولية وأقراني في الشارع يلعبن، وأن سهوت يوما كنت أُعاقب من زوجي وحماتي، أنجبت ابنتي ولم أبلغ الثامنة عشر، كبرت ابنتي ولم تنطفىء شعلة الظلم الذي تعرضت له، الأسوأ من هذا أن ابنتي كانت على شفى حفرة من الكابوس الذي وقعت فيه، قرّر والدها تزويجها لكن وقفت بوجهه ولم أسمح للقصة بأن تتكرّر لجأت للقانون ووقفت بوجه العادات والتقاليد البالية، صار يُشار لي على أنني المتمردّة الذي جلبت العار لبيت زوجها طلقني زوجي، لكن لم يكن يهمني ذلك بقدر اهتمامي بابنتي، حملت شهادة الطلاق بيد والأمل بيد أخرى فعلت المستحيل من أجل أن تكمل ابنتي دراستها.
اليوم أنا هنا حاضرة لتخرجها فخورة بدكتورتي الصغيرة، مسحت دمعة ألم ممتزج بالفخر نزلت من مقلتي. قد أكون فشلت في فرض قراري بالنسبة لنفسي سابقا، لكنني اليوم مسرورة بفوزي بالرهان الذي وضعته مع نفسي وفخورة بما آلت له ابنتي. اليوم يمكنني أن أرى ابنتي عروسا بعد أن صارت ناجحة وبعد أن عاشت طفولتها على أكمل وجه، وصارت امرأة ناضجة و ناجحة.