أثرت أن آخذ قسطا من النسيان، أردت أن أرتاح فحملت بجسدي الذي نغزه الوهن قبل أوانه وارتمى فيه وجع مروع على سريري الحديدي الذي شاركته الوحدة الموحشة في هذا البيت الذي كان جامدًا فيه قبلَ وُصُولِي وتمدّدت على طُولِي آخِذًا نَفسًا مُفْخَم بالهُمُوم، آثرْتُ على قراءَة رِوَايَة «الحَصْن الرقْمي» لمؤلِّفي المفضل «دان براون» لكن شيء مَا رَشَقَني بالملَلِ فوَضَعْته جانباً لعله يتَسنى لي الأَخْذ فيِ صفحَاتِه مرةً ما غير هذه المرَّة فهكذَا كنتُ دوماً أنْصَاع للمللِ في كلِّ شيءٍ إلاَّ أنتِ لا يفيد معكِ مللٌ ولا كللٌ حتى رفاهيةَ النوم ذرَّتْني وسَمَحَت لحَفيفِ ذِكْرَاكَ أنْ يدَاهِم معتقلَ ذاتِي فأعقَبَني أرقًا وعطًل النُعاس من نشرِ نفسه في فوهاتِ روحي المُرهقَة التي ما ضارها سوى غيابكِ المضْني، أغمضتُ عينَاي فإذاَ بشعركِ يتجهُ نحوي نافرًا من الرياح التي تتغزلُ به راضيا أن يلتصق بقسماتي على أن تأخذ به الريح يمنى ويسرى، عنيد هومثلك أيضا.
آه يا حلوة قلبي ما المانع يا ترى لوتأتين بغتة من دون موعد على روحي في صباح جنيوري ممطر داثرة نفسك في معطفك الأسود والريش يحجب ملامحك من قصف البرد وأنفك تصبغه الحمرة كعادتك، تنقرين بعض النقراتِ على بابي الخشبي المنسي الذي لا يأخذ اعتبارا لأحد سوى تلك الجارة العجوز الكندية المقابلة «إيمرسن» التي جلّ ما تتفضل علي ببعض الأكل، فأفتح لك الباب وروحي في تثاءب وكأنها تقول لي هل من مزيد من النوم وستفاجئ أنا بقدومك المباغت فتبتسمين لي كعادتك: