قصة قصيرة

«دراستي»

عبد القادر رالة

كانت الأم تطلب من زوجها أن يتفقد ابنه ويشتد عليه في أمور الدراسة والواجبات المنزلية، فكان الأب يرغبه بالهدايا ويلتمس منه أن يكون مثله، فهو لما كان تلميذاً كان نجيبا ودائماً في المراتب الأولى... فكان ذلك يثير زوجته ويجعلها تبتسم باستهزاء ...
   قرر الولد أن يسأل زملاء والده القدامى فهم يتجمعون عند الطاهر بائع الجرائد، أو في الحديقة المقابلة لدار البلدية يمرحون ويلعبون الدومينو...
  وذهب إليهم فلم يجد إلا أربعة متحلقون ومنشغلون بحل الكلمات المتقاطعة، فرحبوا به وسألوه عن والده ...
    وبعد تردد سألهم عن مستوى أبيه الدراسي فنظروا إلى بعضهم مبتسمين...
قال هشام :  ـــ  رسب مرتين!
وقال مجدي:  ــــ أني أتذكر جيداً ... كان أستاذ التاريخ دائم السخرية منه، وكذلك أستاذي الحساب والعلوم الاجتماعية...
وقال قادة :  ـــــ كان غبياً يعجز عن أبسط الأسئلة ... يمكن أن تفتخر بأن أبوك كان ترتيبه ما قبل الأخير في القسم...
أحس الإبن بالحزن واليأس والتشويش فلماذا يكذب عليه والده...
   وما إن خطى خطوات قليلة حتى ناداه معروف، وطلب منه الاقتراب لأنه يريد أن يقول له كلاماً لم يذكروه له...
   ـــــ والدك إنسان رائع وصديق مميز! وكان من التلاميذ المميزين في قسمنا، وهو أحسن أصدقائي ... ولم  يكن كسولاً ولا غبياً وإنما مستواه كان حسناً...وإنما سبب تخليه عن الدراسة والمدرسة هو أن جدتك كانت مريضة، والدته سقطت طريحة الفراش ...وكان يتقاسم مع والده الاعتناء بها، فكان هو يتعرض للتوبيخ  وحتى للتعنيف من طرف الأساتذة والمدير، ووالده، جدّك مثله كان عليه بين الحين والآخر أن يتدبر كذبة أو شهادة طبية لصاحب العمل! حتى توفت الله يرحمها بعد المعاناة من المرض لمدة تجاوزت العامين .. أنها الحقيقة ...ما أخبرك به هو الحقيقة.. وفي المساء عانق والده وقال له بأنه يفتخر به ...
نظرت إليهما الأم ثم قالت مبتسمة :  ــــ آه ... لقد تأكد من زملائك القدامى بأنك كنت متفوقاً، لكن كلهم متواطئون وخجلوا أن يصدموك بالحقيقة!...
أراد الإبن أن يقول شيئا فأوقفته أمه :  ــــ لا تقل شيئاً...أنا أعرف.. وأنت لا تدري أني كنت زميلة والدك في المدرسة...

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024