لطالما حسدنا أنفسنا على البدايات، على البدايات الجميلة، المختلفة ألوانها والمزركشة أشكالها، تلك التي تسحرنا بشذى عطرها الطاغي، وتسافر بنا إلى عوالمها الجذابة، تلك التي نحتفل فيها بالصدق والوفاء، غير آبهين بما سيحل بنا بعد تلك الثقة التي وضعناها في ظرف وختمنا عليها وأهديناها كهدية متواضعة في عيد ميلاد، ما مصير تلك البرقية التي اتخذت شكل الرسالة التي حملت اسمي معاني الحب، لم نكن لنتبه للتفاصيل الصغيرة التي سنصادفها في تلك الطريق الوعرة، حتى إننا لم نتخذ ادنى احتياطاتنا، لم نجهز زادنا ولم نرتدي ملابس سفرنا، مشينا في ذلك الطريق عندما قطفنا أزهار أمتاره الأولى ولم نعدّ حساب للأمتار الأخرى، لم نفكر كم من الوقت سيأخذ من عمرنا لنصل إلى ما سعيناه منذ الأول، ولا كمية التعب التي ستصيبنا ونحن نرفع جثثنا ونجرها من أعناقها، لم نأبه للعقبات التي واجهتنا، فحبنا الكبير المكنون للبداية جعلنا لا نبصر خط النهاية وكم من منحدر سنسقط فيه وندعي إننا لازلنا صامدين، مشينا وكلنا شوق للوصول، حاملين بأيدينا قلوبنا التي تعبت من شدة حرارة الطريق فنزفت واستشهدت أمامنا، باكين على أحوالنا، مشفقين على ما حل بنا، ومتمنين أننا لم نقع بهذه الورطة من قبل، لكن ما فائدة الندم والوقت قد فات ونحن اطلنا إقدامنا على هذه الطريق دون إن نجهد أنفسنا في التفكير ولو ثانية».