ولد الشهيد وليد دقة في 18 جويلية 1961 في بلدة باقة (الغربية) في المثلث الفلسطيني، وأنهى تعليمه المدرسي في سنة 1979.
دقّة جرّاء ما تعرض له هو وعائلته من سياسات العنف الاستعماري العنصرية، ونتيجةً لما شهده في طفولته وصباه من جرائم دولة الاحتلال، ابتداء بحرب النكسة 1967 ومروراً بيوم الأرض 1976 وانتهاء بمجزرة صبرا وشاتيلا 1982، التحق بالعمل الوطني تحت لواء منظمة التحرير الفلسطينية في العام 1983، وذلك في إطار الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. ولاحقاً، انضم إلى التجمع الوطني الديمقراطي في سنة 1996، وصار عضواً في لجنته المركزية.
وبعد ثلاثة أعوام من انضمام دقة إلى منظمة التحرير الفلسطينية، جرى اعتقاله في 25 آذار في العام 1986، وحكمت عليه المحكمة العسكرية في اللد في آذار التالي من العام 1987 بالسجن المؤبد. ومن الجدير بالذكر أنّه قد تم تحديد سنوات المؤبد في العام 2012 بـ 37 عاماً، ما يعني أن تاريخ تحرر دقّة كان يفترض أن يكون في 24 آذار من العام 2023.
إلا أنّه وفي 28 أيار 2018، أصدرت محكمة بئر السبع حكماً جائراً بحقه عبر زيادة سنتين إضافيتين على محكوميته بادّعاء ضلوعه في قضية إدخال هواتف نقالة لتواصل الأسرى مع عائلاتهم. وبناء على ذلك، أمسى تاريخ تحرره الجديد هو 24 آذار من العام 2025، وقد تعرّض الأسير دقة لجور نظام المحاكم الصهيونية منذ أسره وحتى اللحظة.
فتمّ رفض عشرات الالتماسات المتعلقة بتحديد فترة حكمه، ورفض الإفراج المبكر “الثلث”، كما رفض إزالة تصنيف “أسير عالي خطر الهرب (سغاف)”، (إلا مؤخراً)، ومنعه حقّه بالزواج، والإنجاب، ووداع أفراد العائلة (فقد توفي والده نمر دقة في سنة 1998)، كما وحرم من زيارة الأهل لأغراض إنسانية (أصيبت والدته فريدة دقة بمرض الزهايمر منذ العام 2013).
وحُرم من الإفراج المبكر للعلاج من المرض بعد أن كُشف عن إصابته بسرطان الدم في العام 2015، وحتى بعد تشخيص إصابته بمرض التليف النقوي Myelofibrosis في 18 كانون الأول 2022، وهو سرطان نادر يصيب نخاع العظم.
ورغم كل ما تعرَّض له خلال سنوات سجنه 38 من أحكام ظالمة وتمييز، إلا أنّ الأسير الشهيد دقّة تمكّن من تحقيق منجزات عزَّ مثيلها على مستويات عدة: قيادة الحركة الفلسطينية الأسيرة، ومواصلة الحياة الاجتماعية، والمساهمة في المشهد الثقافي والأكاديمي الفلسطيني والعربي والعالمي، وبخاصة في دراسات السجن. وقد تعرَّض الأسير دقة جرَّاء مواصلته الحياة من السجن لعقوبات مشددة أهمها العزل الانفرادي.
وإصرار سلطات العدو على استثنائه ورفاقه من أسرى الأراضي المحتلة العام 1948 من صفقات الإفراج وتبادل الأسرى في الأعوام: 1994، 2008، 2011، 2014. ومن أعمال الشهيد دقة الهامّة والنوعية على مختلف المستويات الفكرية: يوميات المقاومة في مخيم جنين 2002 (2004)؛ صهر الوعي أو إعادة تعريف التعذيب (2010)؛ حكاية المنسيين في الزمن الموازي (2011)؛ حكاية سرِّ الزيت (2018)؛ حكاية سرِّ السيف (2021)؛ حكاية سرِّ الطيف/الشهداء يعودون إلى رام الله (2022).
هذا بالإضافة إلى عشرات الترجمات والمقالات بالعربية والعبرية التي ترجمت إلى عدة لغات، أبرزها: “الزمن الموازي” (2005)؛ “ميلاد: أكتب لطفل لم يولد بعد” (2011)؛ “حرّر نفسك بنفسك” (2020)؛ “السيطرة بالزمن” (2021). كما أن للأسير دقة العديد من المخطوطات، والرسومات، والأشعار، والأغاني، والنصوص السيرية والمسرحية.
تزوّج دقة في الأسر من المناضلة والإعلامية والمترجمة سناء سلامة من مدينة اللد في 10 آب 1999 في سجن عسقلان. ولم تتح لهما القوانين العنصرية لدولة الاحتلال فرصة الإنجاب رغم كل الالتماسات بهذا الصدد، إلى أن قرّرا تحقيق حلمهما بالأبوة والأمومة، حيث أنجبت سناء، ومن نطفة محرّرة، ابنتهما “ميلاد” في مدينة الناصرة بتاريخ 3 شباط 2020.
وعلى الرغم من انقطاع مسيرته الأكاديمية إثر الأسر، فقد تمكن الأسير دقة من الحصول على شهادتي البكالوريوس والماجستير في السجن، وذلك في دراسات الديمقراطية من الجامعة المفتوحة الصهيونية في العام 2010، وفي الدراسات الإقليمية - مسار الدراسات الصهيونية من جامعة القدس في العام 2016. فيما لم يتمكّن من إكمال دراسته للدكتوراه في الفلسفة من جامعة “تل أبيب” بسبب القوانين الصهيونية العنصرية الجائرة.
خلال العام 2023، وتحديدًا منذ شهر مارس 2023، وإلى جانب إصابة الأسير دقّة بسرطان (التليف النقوي)، تدهورَ وضعه الصحيّ، نتيجة لإصابته بالتهاب رئويّ وقصور كلوي حادّيْن، وشكلت هذه المرحلة الأشد والأصعب والأخطر منذ إصابته بالسرطان، وذلك بعد سلسلة انتكاسات لم تتوقف حتى يوم استشهاده في السابع من أفريل 2024. وكانت عائلته قد خاضت مسارًا قانونيا وأطلقت حملة دولية للمطالبة بإطلاق سراحه بعد أن وصل إلى مرحلة صحية بالغة الخطورة، إلا أنّ الاحتلال رفض الإفراج عنه وأبقى على اعتقاله، واستمر بتنفيذ المزيد من الجرائم بحقّه.