تنويـع الشركـاء الأجانـب والاستفـادة من مزايــا قانون الاستثمــار الجديد
زيــادة الجهود لفـرض تواجد الاقتصــاد الجزائــري على الساحــة الدولية
عملت الجزائر، تحت قيادة رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، على تفعيل الدبلوماسية الاقتصادية، من أجل دعم الشركات الوطنية في الخارج وجلب الاستثمار الأجنبي، وتنويع الشركاء الاقتصاديين، من خلال التعريف بالفرص والمزايا التي جاءت بها إصلاحات الرئيس في إطار برنامج الإنعاش الاقتصادي؛ ذلك أن النهضة الاقتصادية التي تعيشها الجزائر تتطلب تعزيز وتطوير وتنويع علاقاتها الاقتصادية مع مختلف الدول.
توجهت الجزائر نحو تفعيل دبلوماسيتها الاقتصادية لجعلها تواكب النهضة الشاملة التي تعرفها البلاد وآفاقها الواعدة في مختلف المجالات، وذلك تنفيذا لتعليمات رئيس الجمهورية الرامية إلى زيادة الجهود من أجل فرض تواجد الاقتصاد الجزائري «المنتعش» على الساحة الدولية، والتعريف بفرص الاستثمار وتحسن مناخها في الجزائر، من خلال الاستفادة من المزايا التي تمنحها عضويتها في مختلف مناطق التجارة الحرة واتفاقيات الشراكة التي وقعت عليها.
تعتبر الندوة الوطنية حول مخطط الإنعاش الاقتصادي، التي انعقدت في أوت 2020، بمثابة انطلاقة هامة للدفع نحو دبلوماسية اقتصادية فعالة، تمهيدا لتحرير الاقتصاد من التبعية المفرطة لقطاع المحروقات التي يشهد تقلبات في الأسعار. وعليه يسمح تنويع الشركاء الاقتصاديين مع الدول الأجنبية، بتطوير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والمؤسسات الناشئة التي تعول عليها الجزائر، عبر تسطير برنامج لإنشاء عشرين ألف مؤسسة، قبل نهاية العهدة الحالية للسيد رئيس الجمهورية، وتمكينها من الاستفادة من الخبرة الأجنبية في المجالات التي سبقتنا فيها تلك الدول.
تعزيز الاستقرار
تنويع الشركاء الاقتصاديين أيضا، يعني تدعيم المؤسسات الوطنية للاستثمار في الخارج، لاسيما في دول الجوار الإفريقي، التي تعد واعدة وبالتالي بناء جسور اقتصادية وتحقيق التعاون الذي يخلق شبكة اعتماد متبادل، ومصالح مشتركة، تؤدي بدورها إلى تعزيز الاستقرار وضمان الأمن المتبادل، وهذا يعزز تواجد الجزائر في عمقها الاستراتيجي، الذي باشرته فعليا مع تولي السيد عبد المجيد تبون رئاسة البلاد، حيث تم فتح المعابر وإنشاء مناطق للتبادل الحر، في الدبداب على الحدود مع ليبيا، وتندوف على الحدود مع موريتانيا ومنطقتين أخريين على الحدود مع مالي والنيجر، دون أن ننسى منطقة التجارة الحرّة القارية الإفريقية ZLECAF الهادفة إلى الرفع من حجم التبادل التجاري البيني وتحقيق التكامل الاقتصادي بين الدول الأعضاء، ويشكل ذلك انطلاقة حقيقية للتكامل الاقتصادي في المنطقة، وبعث الديناميكية الاقتصادية والتجارية بين سكان الولايات الحدودية والدول المجاورة.
مشاريع وازنة
في إطار تنفيذ برنامج الإنعاش الاقتصادي، وفي الشق المتعلق بالشركات الأجنبية وتنويع الشركاء الاقتصاديين، استقبل رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، الرئيس التنفيذي لمجمع «ليون» الماليزي، تان سري ويليام شانغ، بهدف الاستثمار في الجزائر والبحث عن فرص لتوسيع الأعمال في مجال صناعة الألمنيوم كبداية، ومن ثمة الانطلاق في مشاريع فلاحية وأخرى في المناجم. وتأتي هذه الزيارة مكملة لتلك التي قام بها الرئيس التنفيذي لمجمع ليون، شهر فيفري 2023، واسترعاه توفر كل ظروف الاستثمار اللازمة، ليعود مرة ثانية محملا بعديد المشاريع.
يشار إلى أن المجمع ينشط، بالإضافة إلى ماليزيا، في عديد الدول الآسيوية؛ في الصين وسنغافورة وهونغ كونغ وكمبوديا ولاوس، أساسا في قطاعات التعدين والصلب والتطوير العقاري والزراعة والخدمات والبيع بالتجزئة.
إلى ذلك، كانت الجزائر أبرمت عديد اتفاقات الشراكة مع دول عربية وأجنبية من الشرق والغرب. ونذكر الشراكة مع قطر لإقامة مشروع متكامل لإنتاج الحليب المجفف بالجنوب الجزائري، وتهدف هذه الاتفاقية إلى إنجاز مشروع منظومة فلاحية صناعية متكاملة لتربية الأبقار وإنتاج الحليب المجفف ومشتقاته، وذلك لضمان إنتاج نصف الاحتياجات الوطنية من المادة، وتخفيف فاتورة الاستيراد.
كما أبرم اتفاق شراكة بين وزارة الفلاحة وشركة بونيفيشي فيراريزي الإيطالية لإنتاج الحبوب ومحاصيل زراعية أخرى استراتيجية ضمن الدورة الزراعية، خاصة النباتات الزيتية، مثل الصويا. وهو مشروع يسمح بتعزيز الإنتاج الوطني من الحبوب والبقول الجافة وزيادة الصادرات خارج المحروقات من خلال تصدير العجائن الغذائية.
إلى جانب ذلك، حرص السيد الرئيس خلال زيارات دولة قادته إلى كل من مصر وسلطنة عمان، شهر أكتوبر الماضي، على بحث سبل التعاون الثنائي. وتنفيذا لتوجيهاته، استقبل وزير الطاقة والمناجم محمد عرقاب، وفدا عن شركة «المقاولون العرب» المصرية، حيث تباحث الطرفان فرص التعاون والاستثمار بين الشركات الجزائرية والمصرية، بما في ذلك شركات القطاع، مثل سوناطراك وسونلغاز وسوناريم، في مجالات عدة، أبرزها صناعة النفط والغاز، وتطوير الحقول وإنجاز الهياكل القاعدية للمحروقات، وإنشاء محطات إنتاج وتحويل ونقل الكهرباء، بالإضافة الى إنجاز مشاريع تحويل الموارد المنجمية في الجزائر.
وفي سلطنة عُمان، تباحث السيد الرئيس مع نظيره العماني، سبل تعزيز التعاون الثنائي، سيما في مجال الطاقات والطاقات المتجددة والتعدين، ودعم الصناعات الدوائية، لتضاف إلى المشاريع الجارية مع شركة سوناطراك في إنتاج الأمونيا واليوريا، بقيمة 3 ملايير دولار.
وتضاف هذه الشراكات إلى الشراكات الاقتصادية الأخرى مع أكبر الشركاء على غرار الصين، التي بلغت قيمة التبادل التجاري معها أكثر من 10 ملايير دولار، والهند التي تعد تاسع شريك اقتصادي للجزائر، وبلغت قيمة التبادل التجاري معها 1.4 مليار دولار، منها 780 مليون صادرات جزائرية.
إلى جانب روسيا بحجم مبادلات قدرت بثلاثة ملايير دولار خلال 2024.
وتعكس هذه الزيارات والشراكات الجديدة، الإرادة الصلبة للسيد الرئيس للمضي قدما نحو توسيع الاقتصاد وتنويع الشركاء الاقتصاديين، من خلال توفير فرص استثمار حقيقية وجاذبة، وذلك يعزز من العلاقات السياسية السليمة بين الجزائر وشركائها الاقتصاديين، كما يعتبر انعكاسا للقرار السيادي لها في اختيار شركائها على أساس قاعدة رابح- رابح، التي تراعى فيها مصالحها.