أمّ الفقراء خليفي نوارة لـ «الشعـب»

«الجـزائــر وطن جميل يستحـقّ منّا التّضحية

لموشي حمزة

تلقب بأمّ الفقراء وكافلة اليتيم، بداياتها مع العمل الخيري والتضامني تزيد عن 20 سنة، وصلتنا أصداؤها في شهر رمضان لعام 2011، حيث عرفت لدى الباتنيين بإفطارها للصائمين وتوزيع قفة رمضان وتنظيم عمليات ختان جماعية لأبناء الفقراء واليتامى والمعوزين، اعتقدنا في الأول أن العمل الخيري الذي تقوم به يقتصر على شهر الصيام، غير أن الحقيقة فجأتنا حين سألنا عنها سكان باتنة عامة ومروانة خاصة، الذين أكدوا لـ«الشعب» أنّ منزلها وجهدها ومالها مسخّرة لخدمة الفقير واليتم، وقتها أدركنا لماذا تلقب بأمّ الفقراء.

إنّها السيدة خليفي نوارة، رئيسة مكتب الهلال الأحمر الجزائري بمروانة سابقا قبل أن تلتحق بقبة المجلس الشعبي الوطني كنائب عن حزب الجبهة الوطنية، هي امرأة تحدّت كل الصعاب للارتقاء بمسيرتها المهنية ومواصلة العمل الخيري.
لتسليط الأضواء أكثر على هذه المرأة الطموحة، زرناها في منزلها الذي اتخذت منه مقرا لمداومتها بمروانة للتكفل بانشغالات السكان.
ما تقدمه  يستحقّ الإشادة
  ترعرعت «نجمة» القوة الناعمة لهذا الأسبوع في منزل ثوري بامتياز فوالداها مجاهدين، كانا مسؤولين عن مركز لتموين المجاهدين والثوار بمنطقة مروانة، توفي والدها لتتربى يتيمة رفقة 10 من إخوتها، تحملت والدتها الكثير لتربية أبنائها على حب الوطن.
ورثت خليفي نوارة العمل الخيري عن والدها، حيث أكدت لنا أن منزل العائلة كان قبلة لأبناء المجاهدين وعابري السبيل، وما تزال سيرته على لسان في مروانة وما جاورها من مناطق، حققت الكثير من النجاح رغم الذهنيات السلبية التي تحول دون ترقية المرأة وتحقيق طموحها، بالإضافة إلى التحديات الأخرى التي واجهتها من أجل تحقيق ذاتها في مجال العمل وكذا التوفيق بين حياتها الأسرية وكل ما تقتضيه من مسؤولية.
وعبّرت خليفي نوارة عن الصعوبات التي تواجهها قائلة: «أعيش يومياً التحدّي كي أكون المسؤولة الناجحة في عملي وحسن سيره، وذلك من خلال تنسيقي مع الفريق الذي أعمل معه  والذي يبدي ككل مرة استعداده  وتطوعه للقيام بالعمل الخيري في الهلال الأحمر الجزائري، علما أنّ الفريق يتكون من شباب سخّر كل وقته، جهده وكل طاقاته لخدمة المحتاجين لرفع ـ ولو القليل ـ الغبن عنهم. وشيئا فشيئا حقق فرع الهلال الأحمر بمروانة بفضل هذه المجهودات نجاحات باهرة تجاوزت حدود الولاية باتنة بأكملها.
لم ولن تنس خليفي نوارة ما قدمته من مساعدات لفئة كبيرة من المعوزين،  وأكثر من ذلك فقد أقحمت زوجها أيضا في العمل الخيري الذي ساندها هو أيضا بكل ما أوتي من قوة لمواصلة هذا العمل الإنساني الجبار. وفي هذا الصدد عاد بها شريط الذكريات الى ذلك اليوم الذي أنقذ فيه زوجها رجل مختل عقليا، مصاب بالتهاب رئوي حاد كان يتخذ من أحد الشوارع مأوى له، فتكفل به الى غاية امتثاله للشفاء. لم يتوقف الأمر عند هذا الحد على حد قولها بل ساعداه بالعلاج والعناية النفسية إلى أن استرجع ذاكرته وجميع أفراد عائلته التي عاد إلى أحضانها في المسيلة.
حالة أخرى توقفت عندها السيدة خليفي، ويتعلق الأمر بالسيدة «جمعة»، التي آوتها في بيتها لمدة 5 سنوات كاملة،  ولم يسمح لها حسها المرهف تركها في الشارع في أحد أيام الشتاء القارص، فقررت التكفل بها إلى أن استعادت عافيتها (العقلية والجسدية)، وهي الآن مع عائلتها ببلدية تالخمت.
ورغم إلحاحنا على سرد المزيد من مشاريعها الخيرية إلا أنها رفضت،  وأعربت لنا أن ما قامت به تبتغي به وجه الله العظيم، لا تحتاج عليه لا جزاءً ولا شكورا.
سماعنا إلى كل ما تقوم به في مسيرتها المهنية والتطوعية، جعلنا نتساءل عن مدى توفيقها بين شخصها كامرأة عاملة لها اهتماماتها الخاصة وبين ربة المنزل التي تدير شؤون أسرة بكاملها وبين الزوجة التي تكرس ذاتها لشريك حياتها. وفي هذا الشأن أجابت خليفي نوارة قائلة: «في الحقيقة إن العمل الخيري والتطوعي هو من عرّفني وجمعني بزوجي في إحدى الحملات التطوعية التي قام بها فرع الهلال الأحمر بمروانة، وبقي يساعدني بعد ارتباطي به وتكوين أسرة، ولكن وللأمانة أقرُّ بتقصيري نوعا ما اتجاه عائلتي، فالرجل بصفة عامة يعود من عمله ليسترخي أمام

التلفاز ويرتاح من يومه الطويل، ولكن حين تعود المرأة  من وظيفتها هنا يبدأ عملها الحقيقي، ولكنّني شخصياً أعيش هذه المرحلة بفرح وامتنان، ومفتاح النجاح في رأيي هو التّعامل ببساطة في كل أمور الحياة بين الزّوجين».

واجبنا كبرلمانيّين التّكفل بانشغالات المواطنين
انتقلنا إلى جزء آخر مهم من حياتها وهو دخولها معترك الحياة السياسية بالجزائر، خاصة بعد إصلاحات رئيس الجمهورية بإعطاء المرأة الجزائرية حقها من التمثيل في مؤسسات الدولة، ونظرا لسمعتها الطيبة وصدى عملها الخيري الذي أكسبها شعبية لم تسبقها إليها امرأة في الاوراس الأشم، ما دفع بالمرحوم عياش خنشالي وهو نائب بالبرلمان إلى طلب تصدّرها قائمة حزب «الأفانا»، لتنشّط بعدها حملة انتخابية شريفة ونزيهة وصريحة بعيدا عن التجريح، حيث انتقلت إلى كل مناطق باتنة التي ذاع صيتها فيها بفضل العمل الخيري. وهنا أشارت إلى انه لم يخطر ببالها يوما التواجد بالبرلمان، لأنه لم تكن تحتاج «امتيازاته» فوضعها المادي مرتاح جدا، حيث زارت عديد دول العالم كلبنان، فرنسا، إسبانيا، تونس، المغرب، الصحراء الغربية..إلخ، غير أن تواجدها في لجان مساندة الرئيس بوتفليقة كان منذ عهدته الأولى حيث أثنت هنا على قرار الرئيس بتعزيز حقوق المرأة، وكانت نيّتها الترشح للمجلس الشعبي الولائي كون مسؤولياتها في الولاية كثيرة وستفيد أكثر، لتتوالى بعدها العروض من طرف الأحزاب، ولأنها من حرائر الاوراس التزمت بوعدها الأول للمرحوم خنشالي.
وبعد نجاحها في افتكاك مقعد في البرلمان، واصلت نوارة خليفي عملها الخيري بالولاية، فلم يغلق مطعم الرحمة التي اعتادت تنظيمه باستمرار ولم تتوقف عمليات التكفل بالمعوزين ولا عمليات الختان الجماعي، بل زاد إصرارها على تكريس هاته القيم، من خلال حرصها على التكفل بهده الفئات، وتضاعفت مسؤولياتها اتجاه سكان باتنة بولوجها قبة البرلمان، وصارت الفرصة أمامها مواتية لإيصال جميع الانشغالات، لا سيما أنها اعتادت زيارة وزراء ومسؤولي الأمن. وأشارت في هذا السياق إلى الوعد الذي قطعه لها اللواء الهامل بفتح أمن الدائرة بالمنطقة .
وتعزيز تواجد الأمن، كما استجاب لها  وزير الأشغال العمومية عمار غول بإنجاز طريق انتظره سكان مروانة لعقود طويلة، يضاف إليها طريق الشلعلع وغيرها من المشاريع الكبرى بالولاية.
وبخصوص انضمامها مؤخرا لحزب الوزير عمار غول «تاج»، أكدت المتحدثة أنها رفقة المنخرطين من الولاية مقتنعون بأن هذا الحزب الشاب لديه مشروع مجتمعي قادر على  التغيير الإيجابي، ويعمل بجد من أجل جعل الجزائر تاج فوق رؤوس الجزائريين. وبخصوص علاقتها مع مسؤولي الدولة والولاية أشادت المتحدثة بدور الوالي والأمين العام للولاية ومدير التنظيم ومدير الإدارة المحلية وباقي السلطات الأمنية والعسكرية والمدنية والتنسيق بينهم في تفعيل لغة الحوار مع المواطنين وحرصهم الدائم على دفع عجلة التنمية بالولاية.
كما أثنت على دور رئيس المجلس الشعبي الوطني ولد خليفة، الذي تكنّ له كل التقدير والاحترام، مشيرة إلى ضرورة إذابة كل الخلافات الحزبية والسياسية بالجزائر والتجند لمساندة الجيش الوطني الشعبي في الحفاظ على أمن الحدود، ومساعد حكومة الوزير الأول على إنجاز برنامج الرئيس بوتفليقة  في إطار المخطّط الخماسي.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024