العاملة والتحرش

نصوص قانونية في الأفق

سلوى - ر.

من المقرر أن تصدر العدالة حكمها في قضية تعرض صحافيات في القناة التلفزيونية الرابعة في 15 أكتوبر الجاري، بعد أن قررت مجموعة منهم رفع دعوى قضائية ضد مدير القناة على إثر تعرضهن للتحرش الجنسي.
ومهما كان الحكم الذي سيصدر عن محكمة عبان رمضان في الأيام القادمة، فإن انتفاضة الصحافيات يعد بحد ذاته خطوة جريئة وايجابية في طريق كبير أحد الطابوهات التي لطالما شكلت وسيلة ضغط غير أخلاقية على العاملات عموما في مقر عملهن.
ومع خروج المرأة إلى عالم الشغل لأسباب متعددة ارتفعت حدة التحرش الجنسي بالعاملات عموما والفتاة المقبلة على عالم الشغل، حيث باتت المساومات الدنيئة أحد شروط الظفر بمنصب عمل، أو الترقية داخل  المؤسسة التي تعمل بها، وبغض النظر عن تجاوب البعض من الفتيات مع مثل هذه الممارسات رغبة في الوصول السريع إلى ما تصبو إليهن، إلا أن فئة ليست بالهينة منهن تفضل إما المواجهة الصامتة أو الإنسحاب كلية من العمل.
أرقام تصدر هنا وهناك عن تعرض النساء للتحرش الجنسي، غير أن مصداقيتها تبقى على المحك، طالما أن الكثيرات يرفضن الحديث عن ما يتعرضن له في مواقع العمل، خشية من الفضيحة أو من فقدان منصب العمل، ولهذه الأسباب  تسعى جمعيات نسوية إلى إلقاء الضوء على المعاناة التي تواجهها العاملات من خلال تحسيسهن بضرورة التصدي الفعال لكل الممارسات غير الأخلاقية، فضلا عن نضالهن على مستويات أعلى لتحسيس السياسي والمشرع الجزائري بضرورة الأخذ بعين الاعتبار لكل التجاوزات غير الأخلاقية التي تتعرض لها المرأة العاملة.
عملية التحسيس هذه كانت من أولى نتائجها طرح القضية على المجتمع الجزائري الذي تفاعل معها بطريقة راقية احتراما للمرأة وللأسرة الجزائرية، وكانت تمهيدا لتغيير بعض الذهنيات التي أعاقت تجريم هذا الفعل اللاأخلاقي، من خلال اقرار مادة في القانون تندد صراحة بالتحرش الجنسي وتعاقب عليه بالسجن وبدفع غرامة مالية للضحايا.
وكان ذلك في نوفمبر 2004، وفي المادة 341 التي تتحدث عن التحرش الجنسي والعقوبات.
غير أن عدم تقييم  مختلف بنود القانون المتعلق بالمرأة وقضاياها أضفى الكثير من الغموض حول بعض  النصوص القانونية، انعكست آثاره السلبية على المرأة العاملة وساهم إلى حد كبير في هشاشة علاقات العمل داخل المؤسسة، مما جعل المرأة العاملة عرضة لمزيد من المساومة والتحرش الجنسي، وهي ممارسات أثرت سلبا على حياتها وشخصيتها ووقفت عائقا أمام مسارها المهني.
وأمام استمرار نفس الممارسات اللاأخلاقية، فقد عمدت جمعيات نسوية إلى التحرك مرة أخرى من أجل سد الثغرات التي أفرزتها المادة 341 المعترفة بفعل التحرش الجنسي، بعد معاينة ظروف العمل التي لم تعد ملائمة للمرأة رغم أن القوانين تتحدث عن المساواة والعدل بين الجنسين في كل شيء، بما في ذلك الحفاظ على كرامة العامل سواء كان ذكرا أو أنثى.
تحرك الجمعيات النسوية تم على مستوى وزارة العدل بتوجيه رسالة مفتوحة إلى الوزير، تطالب فيها بإضافة بند جديد على المادة المذكورة آنفا لحماية الشاهد، بعد أن لوحظ أن المتهم بجرم التحرش الجنسي عادة ما ينتقم من الشاهد، إما بفصله أو بتسليط عقوبات عليه، كثيرا ما كانت قاسية.
وفي هذا الصدد، تقدمت الجمعيات النسوية بمشروع قانون لمكتب البرلمان الذي صادق عليه في جانفي الماضي وتم ارساله إلى الحكومة للنظر فيه، وتنتظر أن يؤخذ بالجدية اللازمة وإقراره لتحسين ظروف عمل المرأة العاملة والمحافظة على كرامتها، من أحد  أهم أشكال العنف الممارس عليها.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19471

العدد 19471

الأربعاء 15 ماي 2024
العدد 19470

العدد 19470

الثلاثاء 14 ماي 2024
العدد 19469

العدد 19469

الثلاثاء 14 ماي 2024
العدد 19468

العدد 19468

الأحد 12 ماي 2024