شهداء غيّبتهم الظّروف

بوزيدي لخضر ضحية انتقام الأقدام السّوداء

تنعم الجزائر بفضل شهدائها الأوفياء بالحرية والكرامة والسيادة بفضل كفاح دام لعدة سنوات خلف وراءه الملايين من القتلى، والمشرّدين واليتامى والأرامل، وما زاد الشّعب إصرارا على نيل حريته البطولات المتتالية لأفراد جبهة وجيش التحرير الوطنيين في دفاع مستميت عن الأرض والأهل والوطن، فكانت حربا ضروسا دامت 7 سنوات ونصف خلّفت وراءها مليونا ونصف مليون شهيد وأربعة ملايين عائلة مشرّدة لا مأوى لها سوى طمعهم باستعادة الحرية وطرد الغزاة.
كانت مناطق الوطن تعيش هدوءا يسبق العاصفة، بعدما نكلت القوات الغاشمة بأبناء خراطة، سطيف وقالمة في مجزرة وحشية الثامن ماي 1945 راح ضحيتها 45 ألف شهيدا رميا بالرصاص، ودفنوا في مقابر جماعية.
الأمر الذي عجّل بالثّورة المسلّحة، فكانت جبال الأوراس الأشم على موعد هام ليلة الفاتح نوفمبر 1954 لتطلق رصاصة الرحمة ومخلص
الجزائريين من شبح الاستعمار الذي دام ظلّه طويلا.
كانت الثّورة المظفّرة بعدما احتضنها الشعب ودفع بأبنائه رغبة في الخلاص من الظلم الذي طالهم، فكانت قافلة من الشهداء خضبت الأرض بدمائهم الزكية.
اليوم نستذكر أحد أبناء الجزائر الذي علا شأنها، ابن مدينة الأوراس باتنة  وابن عائلة ذهب معظم أبنائها فداءً لهذه الأرض الطيّبة.
إنّه الشّهيد بوزيدي لخضر بن الطاهر من مواليد 13 جانفي 1914 بسريانة (باستور سابقا)، زرنا عائلته التي لم يبق منها سوى 3 من أبنائه، أكبرهم سليم بوزيدي بعدما كانت عائلة الشهيد تضم الزوجة و7 أطفال.
عمي سليم لم يكن يتذكّر عن والده سوى بعض الذكريات، جلسنا معه سويا بالقرب من نصب تذكاري شيّد تخليدا لثورة نوفمبر بساحة بن بولعيد وسط مدينة باتنة.
يقول عمي سليم: «عند اندلاع الثورة كان والدي من ضمن الأوائل الذين حملوا السلاح مع أخويه السعيد وعبد المجيد. عمي السعيد هو أول شهيد في العائلة وثاني شهيد  في سريانة بقرية بويخفاون وذلك سنة 1955»، عند وقوع والده رحمة الله عليه في أسر العساكر الفرنسيين بسبب الحركى سنة  1957 اختفى أثره وانقطعت أخباره، فاتجه الحركى نحو جده بحثا عن بقية المجاهدين كون قريتهم  كانت زاوية والمسماة بزاوية سيدي محمد بن بوزيد، والجميع يعلم أنّ ذلك القائد من الحركى على خلاف مع جده، فانتقم منه عن طريق إعدام والده في مكان مجهول ولم يسلّم له الجثة.
وجد الشّهيد بوزيدي لخضر نفسه محاصرا من قبل الفرنسيين، وأخذ حيا ولم يعثر عن مكان قبره حتى بعد الاستقلال بحيث يرقد في قبره بمقبرة الشهداء بسريانة تاركا خلفه زوجة وسبعة أطفال.
عن الشّهيد عبد المجيد بوزيدي يقول ابنه: «لم تحدّثنا عنه أمي بوزيدي عيشوش المجاهدة والمناضلة، ما تحدّثت عنه إلا القليل. قالت لنا إنّه ألقي عليه القبض وسجن إلى غاية الاستقلال، وهذا ما روته لنا أمي كنت أبلغ سنتين عندما قتل والدي وهو اليوم يختم العقد السادس من عمره».
وأضاف أنّ العائلة ليست لديها أيّة صور عنه، وهي تناشد سلطات الولاية بالبحث بأرشيف بلدية المعذر عن صورة للشّهيد فقط تعاود به الذكرى، بعدما كرّم الرئيس الشاذلي عائلة الشهيد بوسام الاستحقاق والشرف تكريما للشّهيد.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024