الأرشيف شهــادة المجاهدين

التلاعـب بالمصطلحـات يسـيء لكتابة التاريـخ

هيام .ل

لابدّ من ضبط المصطلحات التاريخية، التي لا تزال، تُحدث فارقا في كتابة التاريخ الجزائري، وبعد مرور 60 سنة عن حلول ذكرى وقف إطلاق النّار بين سلطات الاحتلال الفرنسي،  وجيش التحرير الوطني -عيد النّصر ــ ،  لا تزال بعض المفاهيم مغلوطة لدى الشباب الجزائري، الذي يعتمد على مصادر فرنسية كثيرة، في التعاطي مع الأحداث التاريخية ووصفها وفق شروحات مختصين في الأمر.  
أعطى، أمس، المجاهد محمد غفير، المدعو «موح كليشي»، مثالا عن سوء ضبط المصطلحات المتعلقة بتاريخ الجزائر، على غرار تسمية معركة الجزائر وحصرها، في la bataille d’Alger، في حين هي معركة الجزائر ككل ولم تحصر بالعاصمة، أي la bataille  d’Algérie  .
واستشهد بحادثة وقعت له شخصيا،  لمّا كان ينظّر في إحدى الجامعات أمام الطلبة لمّا وصل للحديث عن معركة الجزائر، قام احد الطلبة بالتصحيح له على أنها معركة مرتبطة بالعاصمة فقط، حيث المفاهيم خاطئة ليس لدى الشباب فقط.
وشدد المتدخل على أنه لابد من إبراز الحقائق للشباب، لتمكينهم من الوقوف على الحقائق المزورة من قبل الفرنسيين، خاصة وأن تسمية معركة الجزائر، سميت من قبل الفرنسيين، فحصر المعركة بالعاصمة أمر خاطئ، حيث لا تقوم بالثورة وحدها، بل أن كل الجزائر معنية  وحتى المهاجرين.
ومن جهته، أكد الدكتور محمد قدور من جامعة تيبازة، أن مسألة ضبط المصطلحات التاريخية، شيء مهمّ في كتابة التاريخ، خاصة وأنّ الطرف الآخر، أي، باريس، تلعب كثيرا على حبل المصطلحات وتحديدها من طرفها، وتستغلها في كل المناسبات التاريخية.
وسرد منشط منتدى «الشعب»، ما يبرز أهمية تحديد المصطلحات، من خلال ما قام به صحفي سويسري كان ممن يتابعون الأحداث وينقلونها خلال ثورة التحرير المباركة، ما سمح له بتأليف كتاب سنة 1959 ، وترجم حاليا في الجزائر يسمى «الثورة الجزائرية»، حيث يقول الصحفي السويسري، أنه لما أراد إصدار كتابه بباريس اعترضوا على كلمة الثورة التحريرية الجزائرية، حيث يدركون قيمة هذا المصطلح وخطورته، لكنه تمسك بموقفه رافضا تغيير المصطلح، وبالفعل رضخ الفرنسيون لذلك على رأسهم الجنرال ديغول، وطُبع الكتاب بنفس العنوان المتداول اليوم في البلاد، وما قام به الجزائريون سنة 1954 هو ثورة وليست حربا.
وأضاف الأستاذ الجامعي، أن تغيير المصطلحات يلعب دورا كبيرا في كتابة التاريخ الذي سيبقى إرثا للأجيال المقبلة، وان لم تُضبط المصطلحات فإن التاريخ الجزائري سيشوّه.
وشدّد، «موح كليشي» في نفس السياق على أنّ الجزائر ضيّعت الكثير من أرشيفها الحيّ، بعد مرور 60 سنة، على ذكرى عيد النصر، مبرزا أنّ «الأرشيف الوحيد الذي يجب أن نستغله قبل فوات الأوان، هو شهادة المجاهدين».
وأكّد، محمّد غفير، أنّه لا يُمكن أن نبقى مكتوفي الأيدي وننتظر باريس أنّ تمدنا بالأرشيف، فالأرشيف الوحيد الذي يمكن الاعتماد عليه هو شهادة المجاهدين الأحياء حول وقائع وأحداث الثورة التحريرية المباركة، مؤرّخينا لم يفعلوا شيئا، مقارنة بفرنسا التي يتواجد بها 28 كتابا حول الثورة التحريرية بخطّ يد الفرنسيين، وحتى الإنجليز الذين بادروا بالكتابة عن تاريخ الجزائر.
وأضاف أنه وفي الجزائر، لم نر مؤرخا كتب التاريخ، نقلا عن  شهادات المجاهدين، متأسّفا لذلك، خاصة وأنّ أغلبهم قضوا نحبهم وذهب تاريخنا معهم، ودفن تحت التراب، فنحن لسنا بحاجة للأرشيف الفرنسي، فالأرشيف الحقيقي هوالمجاهد الحي الذي يعطي شهادته ويستغلها المؤرّخ.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024