أكد أستاذ التاريخ محمد قدور، أن تقرير بنجامين ستورا حول الذاكرة، يفتقد للموضوعية التاريخية ويخضع لإملاءات السلطة الفرنسية، واستبعد استجابة باريس لمطالب الجزائر الرئيسية المتمثلة في الاعتراف بجرائم الاستعمار واستعادة الأرشيف الوطني وتسوية ملف التفجيرات النووية.
لا يرى المختص في تاريخ الجزائر، أهمية كبيرة بما يصدر عن فرنسا منذ قرابة السنتين في ملف الذاكرة بين البلدين، سواء ما يقوم به الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من «خطوات رمزية»، أو تقرير المؤرخ بنجامين ستورا الذي رفعه للاليزيه، العام الماضي، بطلب من ماكرون. وابتدعت باريس عدة متحورات مفاهيمية للالتفاف على «عار الاستعمار» وتفادي النظر الى ماضيها بشكل مباشر، وصارت تتحدث عن «كتابة مشتركة للتاريخ» وعن «مصالحة الذاكرات» و»تهدئة الذاكرة».
وكلها خطوات تم تجاهلها من قبل الجزائر، لكونها لا ترقى أبدا الى مستوى المطالب الأساسية للملف، خاصة بعد تحديد أبعاده بدقة من 1830 الى 1962، بعدما حاولت آلة دعائية ضخمة على مدار عقود حصر الجرم الفرنسي في السنوات السبع للثورة التحريرية (1954-1962).
وفي السياق، قال أستاذ التاريخ بجامعة تيبازة محمد قدور، «إنه يستحيل أن تعطينا فرنسا ما نريده»، مفيدا بأن تقرير ستورا خاضع لحسابات سياسية محضة. في وقت «يتوجب فصل الذاكرة عن السياسة».
وألمح الى تخلي ستوار عن حياده العلمي كمؤرخ، عند اعداده التقرير المتضمن 22 توصية لا ترقى أبدا الى الحد الأدنى لما تريده الجزائر.
وقال: «لقد أنجز ستورا المهمة التي كلف بها، بما يخدم شخصه أولا، ثم بلاده، ثم من يمثلهم من الأقدام السوداء»، في إشارة الى خضوع المؤرخ الفرنسي الى سلطة الواقع التي تفرضها فرنسا الرسمية في معالجة الذاكرة.
واستحضر قدور، مقولة الجنرال السفاح بول أوساريس، في كتابه حول التعذيب الذي مارسه على الجزائريين إبان الثورة التحريرية، بأنه «مستعد للقيام بنفس الأفعال التي ارتكبها لو يعود به الزمن إلى الوراء، لأنه كان يدخل ضمن واجبه تجاه بلده».
وورطت هذه الشهادة فرنسا الرسمية، لأنها تشير الى أن الجرائم البشعة المرتكبة بحق كافة الجزائريين باعتبارها جرائم حرب، كانت تنفيذا لتعليمات القيادة السياسية للدولة الفرنسية.
ولفت قدور، الى أن الجزائر تسيّر بطريقة مناسبة وصحيحة ملف الذاكرة، فيما يقع على عاتق المؤرخين المساهمة دوما بإظهار الحقائق التاريخية.