أدرك الجزائريون مبكرا أهمية الإعلام والصحافة في التعريف بقضيتهم والدفاع عنها في أروقة الأمم المتحدة، ما قام به حمدان بن عثمان خوجة عندما نشر كتابا عن الجزائر بباريس عام 1833م سماه «المرآة» لمحة تاريخية وإحصائية حول إيالة الجزائر»، ووجه منشوره للأوروبيين كمادة إعلامية، عرّت سياسة الاستعمار الفرنسي وكشفت عن وجهها الحقيقي بعيدا عن المغالطات.
بيان الفاتح نوفمبر أول مادة تاريخية عرّفت بالثورة التحريرية المباركة وروجت لأهدافها، حسب ما أكده أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة معسكر الدكتور ودان بوغوفالة في تصريح لـ»الشعب».
أبرز أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة معسكر، أهم الصحف التي ظهرت بأقلام جزائرية للدفاع عن حقوق المسلمين الجزائريين مع نهاية القرن التاسع عشر، مثل صحيفة الحق (1893)، المغرب (1903)، الجزائري (1900)، المصباح (1904)، الأحياء (1907)، كوكب إفريقيا (1907) والجزائر (1908) والإسلام (1909)، الحق الوهراني (1911)، المهاجر (1912) والفاروق (1913) وذو الفقار (1913.
وبعد نهاية الحرب العالمية الأولى عام 1918م نشطت الصحافة الجزائرية كثيرا في أحضان الحركة الوطنية بكل فصائلها خاصة الإصلاحي والاستقلالي، وتطورت مطالب الجزائريين بشكل ملحوظ وصارت أكثر نضجا بخصوص حقوق الجزائريين السياسية والثقافية والحضارية مثل جريدة الإقدام (1919-1923)، النجاح (1920-1939) والشهاب (1925-1935)، صدى الصحراء (1925)، البلاغ الجزائري (1926-1947) والبصائر (1935) وغيرها.
ولفت أستاذ التاريخ إلى أن نضالات الجزائريين لم تتوقف في أعقاب الحرب العالمية الثانية عام 1945، في إطار الحركة الوطنية ولم يتراجعوا عن دورهم في التوعية السياسية والنضال السلمي عن طريق الصحافة، بذكر الصحف التي أشرف عليها كل من عباس فرحات مثل جريدة «الجمهورية الجزائرية» عام 1946، وجريدة «الأمة» لمصالي الحاج التي استمرت إلى غاية 1948 وكانت تدعوإلى استقلال الجزائر التام، والبشير الإبراهيمي الذي أحيا سلسلة جريدة «البصائر» عام 1947.
وأكد بوغوفالة أن بيان أول نوفمبر 1954 أول مادة إعلامية أراد من خلالها مفجرو الثورة التعريف بثورتهم وأهدافها ووسائلها للجزائريين، وللرأي العام الفرنسي والعالمي. ثم توالت فيما بعد الولايات الثورية إصدار نشريات محلية للرد على التضليل الاستعماري ودعايته، ونشر أخبار الولاية.
في المقابل أسس المناضلون الجزائريون بباريس عام 1955 صحيفة «المقاومة»، وظهرت باسم «الثورة المسلحة» في المغرب عام 1956م، وطبعت بتونس أيضا في وقت لاحق، ثم توقفت لصالح جريدة «المجاهد» باعتبارها جريدة الثورة واللسان الوحيد لجبهة التحرير الوطني.
وأوضح الباحث أن جريدة «المجاهد» دافعت عن هُوية الشعب الجزائري وحقه في الحرية والاستقلال، وعرضت رؤية جبهة التحرير الوطني ونشرت أخبار الثورة، وفضحت الاستعمار وأساليبه الملتوية، مرجعا مسألة تدويل القضية الوطنية والترويج لأهداف الثورة التحريرية الكبرى، إلى جهود الصحافة والإعلام المحلي والدولي في كل من تونس والمغرب ومصر خاصة، حيث كان للدعم الإعلامي أثر بالغ على طرح القضية الجزائرية في المحافل الدولية، بنفس الدور الذي أدته الصحافة الوطنية والإعلام الثوري في توعية الشعب الجزائري بالمؤامرات والدسائس الاستعمارية.