إعلامي متميز أبدع في كتابة المناشير ولافتات الثورة
ولد الشهيد الطبيب يوسف دامرجي المدعوالحكيم بتاريخ 22 أوت 1922 ببلدة مليانة، من عائلة ميسورة الحال وأتم دراسته الإبتدائية بمسقط رأسه، لينتقل إلى العاصمة عام 1931 ويتابع دراسته المتوسطة والثانوية، فإلتحق بثانوية ابن عكنون (عمارة رشيد حاليا) وبعد أربع سنوات طرد منها بسبب قيامه بكتابة عبارة «يسقط مدير الثانوية» على حائط الثانوية، وحول إلى ثانوية بيجوالأمير عبد القادر حاليا باب الواد عام 1942، وحصل على شهادة البكالوريا بقسميها عامي 1940 و1941، فألتحق بكلية الطب في الجامعة ولكن أحد الأساتذة تسبب في طرده منها عام 1942 فعمل خضارا بسوق الخضار (اليهال)، وتابع دراسته بالمراسلة حتى تحصل على إجازة في العلوم القانونية.
في العام الدراسي 1943 ـ 1944، أعاد تسجيل نفسه بكلية الطب من جديد، واشتغل مراقبا ليليا بثانوية بن عكنون ليحصل على مصروف الدراسة. وفي نهاية 1944 انضم إلى فرقة الكشافة الإسلامية الجزائرية، وفي بداية العام الدراسي 1946 انتقل إلى فرنسا لمواصلة دراسة الطب وانظم إلى منظمة لوص السرية التي ألفها حزب الشعب عام 1947.
بعد حوالي خمس سنوات عاد من فرنسا إلى الجزائر عام 1952، بعد أن تزوج هناك من فرنسية تدعى لوسات عام 1950، وأنجب منها بنتين واستقر بمدينة تيارت وجدد نشاطه السياسي وأصبح محل مراقبة الشرطة الفرنسية التي رفضت منحه رخصة لحل عيدة لنشاطه الطبي.
وفي مدينة تيارت متن اتصالاته بالطبيب الجراح بن تامي الذي يعمل بمستشفى مليانة ويعالج سرا جرحى المجاهدين والفدائيين، وفي عام 1955 إلتحق بالثورة وأخذ جرحى جيش التحرير الوطني يقصدون إلى منزله ليعالجهم، ويذهب هوإلى منزل حلوز أحمد ليعالج أخرين هناك ويزود المجاهدين بالأدوية الضرورية، والمضادات والإبر لعلاج الجرحى والمرضى في الجبل، وفي شهر أكتوبر 1956 غادر دامرجي تيارت وإلتحق بالجبل بصفة نهائية كطبيب وجراح في المنطقة السابعة ثم السادسة إلى غاية استشهاده، ومارس نشاطا مزدوجا صحيا وإعلاميا وعسكريا.
من المعارك التي شارك فيها معركة جبل المزحة عام 1957 ومعركة بوجحيح في نفس العام، معركة مزرعة بالسايح في بن علوش خلال صيف 1958 بقيادة القائد زعطوط، معركة جبل اللبة التي استشهد فيها 29 مجاهدا في نفس العام، وقد تولى المسؤولية المباشرة على كل مراكز الصحة والعلاج عبر المنطقة السادسة، وعمل معه عدد من الممرضين والممرضات، قام بتكوينهم وتوعيتهم وعددهم حوالي 17 ممرضة إضافة إلى جانب ممرضين آخرين رجال.
وإلى جانب عمله الصحي والقتالي، مارس الإعلام وكتابة المناشير واللافتات ومغازلة جنود اللفيف الأجنبي حتى يثنيهم عن محاربة الشعب الجزائري، ويؤكد لهم كذب دعاية ضباط جنود الصاص وتمكن من دفع البعض منهم إلى مغادرة الجيش الفرنسي والإلتحاق بجيش التحرير الوطني الجزائري.
«تافرنت» آخر معركة شارك قبل الاستشهاد
بتاريخ 19 أوت 1958 حضر معركة تافرنت غرب مدينة سعيدة، وسقط الحكيم يوسف دامرجي شهيدا إلى جانب عدد أخر من رفاقه المجاهدين مثل حلوز أحمد، مختاري مريم المدعوة ثريا وابن واضح بن زينب المدعومولاي، هشماوي الأخضر المدعومسعود والصغير الجيلالي المدعوإسماعيل، وقامت قوات الإستعمار بالتعرف على جثة الحكيم دامرجي ونقلتها إلى المدينة لتبعث اليأس والفشل في نفوس الناس، ولكن ذلك دون جدوى على أي حال لأن الشعب الجزائري صمم على التحرر والانعتاق من الاستعمار مهما عظمت التضحيات، ولأن الحكيم دامرجي أعطى المثال في ذلك وفضل الاستشهاد من أجل تحرير الوطن على حياة الذل والخنوع، تاركا مهنة الطب من أجل الجزائر.