نتناول في هذه المقالة إحدى المعجزات النبوية الشريفة في مجال طب الأسنان، فقد حدّثنا النبي الكريم عليه الصلاة والسلام عن طريقة متطورة لوقاية الأسنان من التسوس والنخر. وبنفس الوقت وقاية أجزاء الفم مثل اللسان من الالتهابات التي قد تصيبه نتيجة تراكم البكتريا، فقد رُوي عن أبي بردة، عن أبي هقال: أتيت النبي ــ صلى اللّه عليه وسلم ــ فوجدته يستن بسواك بيده، يقول: ''أع أع، والسواك في فيه كأنّه يتهوّع'' (رواه البخاري ومسلم).
وعن أبي بردة أيضاً، عن أبي موسى قال: دخلت على النبي ــ صلى اللّه عليه وسلم ــ وطرف السواك على لسانه (رواه مسلم).
فقد ورد في كتابه فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني: جعل رسول اللّه ــ صلى اللّه عليه وسلم ــ السواك على طرف لسانه كما عند مسلم، والمراد طرفه الداخل، كما عند أحمد يستن إلى فوق ولهذا قال هنا كأنه يتهوع والتهوع التقيؤ أي له صوت كصوت المتقيّئ على سبيل المبالغة، ويستفاد منه مشروعية السواك على اللسان طولا، أما الأسنان فالأحبّ فيها أن تكون عرضاً. (فتح الباري ج ١ ص ٣٥٦).
ومن هنا ظهر معنى قوله على طرف لسانه أنّه الطرف الداخلي لأنّ هذا الجزء إن وضعت عليه شيء دفعك إلى الميل للتقيؤ، وهذا ما حدث مع رسول اللّه ــ صلى اللّه عليه وسلم ــ في قوله (أع أع).
فيلاحظ بالعين المجرّدة أن اللسان بكامل سطحه العلوي به شقوق واضحة غائرة، ولا شك أن هذه الشقوق يلتصق بها الكثير من بقايا فتات الطعام والشراب الدقيقة مما ينتج عنه بعد ذلك تعفنها وخروج رائحة كريهة.
وقد ثبت علمياً أنّ اللسان أخصب مكان في الفم لنمو شتى أنواع البكتريا الضارة من جراء هذا التعفن، لاسيما المنطقة الخلفية (قاعدة اللسان) لأنّ المنطقة الأمامية من اللسان تحتكّ دائماً بالأسنان وسقف الفم ممّا يعمل على تنظيفها من هذه البكتريا بصفة دائمة.
كما أنّ الحليمات الذوقية التي تغلفها شقوقها أقل غوراً وأقل تجعداً بعكس المنطقة الخلفية (قاعدة اللسان) التي تفتقد لهذا، وشقوقها أكثر غوراً وتجعّداً، ولا شك أن هذه البكتيريا الضارة تندفع إلى داخل جسم الإنسان مع أي وجبة قادمة، وقد تسبّب هذه البكتريا بعض التقرحات للسان.
مــاذا يقـــول الطــب الحــديث؟
أما كيفية تنظيف اللسان فقد ورد في موقع animated-teeth.com وهو أحد المواقع العلمية المتخصصة في أمراض الفم والأسنان قولهم حول أفضل الطرق لتنظيف وصيانة الفم والأسنان، وهذا يعني: هناك طرق متعددة يمكن من خلالها تنظيف المنطقة الخلفية للسان لكن كل منها لها نفس الهدف، هو قشط البكتيريا والأوساخ التي تجمعت على سطح اللسان.
عندما تنظّف لسانك ليست المشكلة في الطريقة التي اخترت استعمالها، ولكن يجب عليك أن تحاول تنظيف المنطقة الخلفية البعيدة في لسانك، لا تتفاجأ إذا وجدت شعوراً بالغثيان (رغبة في التقيؤ)، إن شعورك بالغثيان هو رد فعل طبيعي سوف يزول مع الوقت.
وجـــه الإعجـــاز
لقد سبق الحديث الشريف كل العلماء بالتأكيد على تنظيف الفم جيداً لدرجة الإحساس بالتقيؤ، وأن هذه الطريقة ضرورية لإزالة أي أثر للبكتيريا الضارة من الفم والتي تسبّب مختلف أنواع الالتهابات للثة والفم.
لقد أثبت العلم الحديث فعالية السواك في وقاية الأسنان من النخر والتسوس، وهذا ما أكده الحديث النبوي من أن الرسول الكريم ــ صلى اللّه عليه وسلم ــ كان يحافظ على السواك.