أكّدت دراسة للدكتور رفعت العوضي الرئيس السابق لقسم الاقتصاد بجامعة الأزهر لتفعيل دور الزكاة وما فيها من عوامل إعجاز في حياتنا المعاصرة وخاصة الفقر الذي يزداد باستمرار، ودعا إلى تنشيط دورها في مختلف الأعمال الخيرية التي تزداد الحاجة إليها في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية العالمية.
في البداية عرض الدكتور العوضي لبعض جوانب الإعجاز في الزكاة، فقال: هناك سبعة جوانب للإعجاز في تشريع الزكاة مما يجعله فريدا عن غيره من التشريعات، وأهم هذه الجوانب: الإعجاز في درجة التكافل وأهميتها حيث تم ربط الزكاة ببقية فروض الإسلام وضرورة تنفيذها جميعا حتى يستفيد منها المسلم ويفيد غيره، وذلك على أحسن النظم الاقتصادية المعاصرة، حيث ترى الاشتراكية أن تاريخ الإنسان هو صراع بين من يملك ومن لا يملك والتطبيقات الدموية ضد الأغنياء خير شاهد، أما في العولمة الرأسمالية فهي تقوم على نظرية ٢٠٠٨٠ والتي تعني أنّ خيرات العالم لخمس سكانه فقط، لأنّ اللّه لم يخلق موارد للفقراء ولهذا فإن نظرية مالتس في عام ١٧٩٨ ساعدت إلى المجاعات والحروب والأوبئة، وكذلك الاعجاز في طبيعة التشريع من حيث الأموال التي تجب فيها الزكاة، حيث لم يتم تحديدها بالتفصيل وإنما بقاعدة كلية هي في كل مال نام زكاة، ولهذا فإنه يستوعب التطور في كل زمان ومكان ولم يثبت أي إنسان أن الزكاة احتاجت لتعديل في وعائها مثل قوانين الضرائب مثلا وحصر مصارفها في ثمانية هي الأكثر احتياجا من غيرها.
وأكّد أنّ من جوانب الإعجاز أيضا طبيعة دور الدولة، حيث جعلها مسئولة عنها حتى أنها تقاتل من يمتنعون عن أدائها، مع أن حصيلة الزكاة لا تختلط بإيرادات الدولة بل هي مستقلة والإعجاز في تشريع الزكاة بين المحلية والمركزية، حيث من المفترض أن تجمع محليا وتنفق حيث جمعت، وعندما تزيد على حاجة المنطقة تنتقل إلى مناطق أخرى محتاجة إليها، حتى ولو وصلت إلى كل العالم الإسلامي، لهذا فهي تكافل عالمي لم نحسن توظيفه في عالمنا الإسلامي الإعجاز في كفاء مؤسسة الزكاة، حيث يلزم سهم العاملين عليها أن تكون لها مؤسسة، وهذا معروف تاريخيا حيث يتوفر لمؤسسة الزكاة استقلال عن جهاز الدولة ليحميها من أي تدخل أو استغلال لأموالها.
وأشار إلى أنّ هناك إعجازا في كفاءة النظام المالي للزكاة، حيث يميز في وعاء الزكاة تمييزا واضحا بين الأصول الرأسمالية المنتجة وبين الثروة المكتنزة العاطلة فهي تحافظ على الأصول الرأسمالية المنتجة، وبهذا تؤمن الكفاءة الاقتصادية للمجتمع كما أنّها تميز بين الادخارات التي تظل سائلة أو عاطلة وبين الادخارات التي تتحول إلى استثمارات تفيد المجتمع، ورغم أن المعدلات التي تفرض بها الزكاة منخفضة، إلاّ أنّها تؤمن حصيلة كافية لتحقيق التكافل وللزكاة، ودورها في تمويل مؤسسات المجتمع المدني التكافلية كأحد متطلبات العصر.