الأخلاق والصحبة الصالحة أين موقعها في حياة المتديّنين؟

الوفـاء والاخـلاص أهـم مــن التديـــّن

بين صخب الحياة وتكالب همومها، يبحث كل منا في صديقه على واحة يستأنس بها، ويستظل بأشجارها، ويرتوي من عذوبة آبارها لكي يواصل حياته؛ إذ تجمع الدنيا بين النعيم والشقاء، ويحتاج الإنسان إلى من يشاركه همه، ويقاسمه فرحه، ويستشيره في أمره، وهذا ما ينشده في رفيق الدرب.


ولكن الكارثة أن تتحول هذه الواحة إلى مزرعة أشواك، ولا يلقى الإنسان الراحة حيث استودع صديقه قلبه، وآمنه على أسراره وطموحه وأحلامه؛ عندئذ يخسر الإنسان دنياه ويحمل نفسه المزيد من الأعباء والضغوط النفسية، ويفتقد من كان يتوقع أن يعينه على الخير وفعل الصالحات، ومشاركته في الحلوة والمرة.
فكيف يختار الشباب أصدقاءهم؟ وما أهمية الصداقة اجتماعيا ونفسيا وخلقيا في حياة الإنسان؟ وهل وجود الأصدقاء في حياتنا مجرد قدر، أم أنه اختيار يحاسب عليه الإنسان، ويتحمل عواقبه؟

الصاحب أين هو؟

 يذكر منير صبيح، طالب بالجامعة الإسلامية: أعترف أنّني لم أضع في بدايات صحبتي للآخرين معايير محددة؛ وعلى وجه الخصوص التدين، غير أنني مع الأيام شعرت بأهمية الصحبة الصالحة.
وأضاف: بصراحة، لم أكن أدري أن الصداقة تؤثر في سلوك الفرد، وتعدل من توجهاته. وبعد أن خضت تجربتي مع شباب لا يتمتعون بحسن الخلق أيقنت أنّني سأنزلق، ففكّرت مليا، وابتعدت ووجدت نفسي وآمالي بين الشباب المسلم.
''من فاتـه ودُّ أخٍ صـالحٍ فذلك المغبـون حق يقين، بيتٌ من الشعر يرفعه محمد تجار، طالب بكلية الآداب، كلما اقترب من أحد زملاء الجامعة، ويتابع: الصداقة تغذّي الأخلاق وتستثمر المبادئ، والأصدقاء كنوز يجب البحث عنهم، وتحمل التعب من أجل اكتشافهم؛ حتى لا تختلط علينا الأحجار بالجواهر.
وبنبرات واثقة تحدّث إلينا محمد طالب كلية الطب: بالطبع أختار أصدقائي وفق معيار التدين والأخلاق، فصديقي المتديّن سيعينني ويأخذ بيدي نحو برّ الأمان، ولكن صديق السوء سيشدّني نحو الهاوية حتى لو تحصّنت بأخلاقي، فكما يقولون: الصاحب ساحب.
بينما خالفت الآراء السابقة أمال ـ س، طالبة بكلية التجارة، إذ ذكرت: أصاحب الجميع ولا أضع معايير محددة، ولا أتخاذل عن مصادقة غير المتدينة، فربما آخذ بيدها نحو طريق الصواب. واستدركت: وبالطبع فإنّني بشخصيتي القوية لن أتأثر أو أنجرف مع التيار.

الوفاء والاخلاص
 أهم من التدين

 يشير خالد عمر طالب في السنة الرابعة إدارة الأعمال: هناك مواصفات مهمة أحتاج إليها في الإنسان الذي أصادقه، وليس بالضرورة أن يكون منها التدين، فالوفاء والإخلاص أهم، فماذا يفيد إن تعاملت مع شخص يدعي التدين وهو خائن؟
ويحكي عن معاناته مع الأصدقاء: لقد عانيت سنوات ممّن يسمّون أنفسهم أصدقاء، وتجاهلت هذه المعاناة لسنوات، ولكن هذه المعاناة جعلتني أعيد النظر، وأعيد ترتيب أصدقائي، وفرزت الجميع واستبعدت معظمهم، ومن تبقوا يتصفون بما يلي: التقارب في الفكر والتوجه والطموح. وأوضح أن التدين ليس من الصفات التي يبحث عنها في الأصدقاء؛ وعلّل بقوله: رغم أهمية التدين فإنّني لست وصيا على الناس؛ لأنّي لا أرى نفسي أنّي بلغت هذا الأمر.
أهم ما أبحث عنه عند اختياري للأصدقاء هو حسن الخلق والاهتمام بالدراسة وعدم إهمالها.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19656

العدد 19656

الثلاثاء 24 ديسمبر 2024
العدد 19655

العدد 19655

الإثنين 23 ديسمبر 2024
العدد 19654

العدد 19654

الأحد 22 ديسمبر 2024
العدد 19653

العدد 19653

السبت 21 ديسمبر 2024