يجد كثير من المتدينين الجدد صعوبة في كيفية الغسل والوضوء والصلاة والصيام والحج والزكاة، وبخاصة إذا حدثناهم عن السنن واختلاف الفقهاء حولها، فهل من حل فقهي لهذه المسألة وكيف نتبسط معهم حتى لا ينفروا من أداء العبادات؟
من الدعائم الهامة التي تقوم عليها الفتوى مراعاة حال السائل أو المستفتي، وفي هذه الحالة يجب الاكتفاء بالفرائض والأركان أولا، ثم إذا تمكّن المسلم الذي دخل الإسلام حديثا من هذه الأركان عرّفناه بالسنن والنوافل حتى لا نشق عليه.
وإذا أردنا التفصيل في هذه المسألة بضرب أمثلة على هذا الموضوع نقول:
1 - أول ما يحتاجه المسلم الذي يريد الدخول للإسلام الاغتسال والنطق بالشهادتين، لو حدثناه عن سنن الغسل وكيفيته لشق عليه ذلك، ولكننا نكتفي بأن نقول له عليك أن تعمّم الجسد بالماء مع نية الغسل، ومن المؤكّد أنّ هذا الرجل أو المرأة كان يغتسل بشكل طبيعي قبل الدخول للإسلام، فلم نزد إلا النية ومحلها القلب ولا يشترط التلفظ بها، وأن يكون الماء طاهرا غير مختلط بشيء يخرجه عن طهوريته، وهذا يكفي في المرحلة الأولى حتى يعتاد على هذا الأمر.
وكذلك الوضوء يمكننا أن نخبره بأن عليه غسل اليدين والوجه ومسح الرأس وغسل الرجلين، فإذا أحسن هذا كله أخبرناه بالسنن والنوافل ولو صلى بغير هذه السنن فترة من عمره فلا بأس ما دام وضوؤه صحيحا.
2 - والأمر الثاني الذي يحتاج إليه المسلم هو الصلاة، وهنا نكتفي أيضا بالأركان فنكتفي بتكبيرة الإحرام وقراءة الفاتحة والركوع والسجود دون الدخول في التفاصيل، فإذا أتقن هذه الأركان كان الأمر سهلا بعد ذلك.
3 - وبالنسبة للصيام فهو كما عرّفه الفقهاء هو الإمساك عن شهوتي البطن والفرج من أذان الفجر حتى أذان المغرب مع النية أيضا.
4 - والزكاة إخراج 2.5 % من ماله كل عام، والتفاصيل الأخرى يسأل عنها عند وقوعها لأنها لا تتكرر يوميا كالصلاة والطهارة.
5 - وأخيرا الحج، ويمكننا إيجاز أركانه وواجباته في الإحرام والطواف والسعي والوقوف بعرفة ورمي الجمرات والحلق.
وبهذه الطريقة نيسّر على المتدينين الجدد أو حتى على العوام من المصلين أمر دينهم، ولقد كان منهج القرآن في غرس القيم والإلزام بالعبادات والانتهاء عن المحرمات هو التدرج.
فليس من السهل على النفس البشرية أن تتخلى عما ورثته من عادات وتقاليد، وقد كان عرب الجاهلية قد ورثوا كثيراً من العادات التي لا تتفق مع شريعة الإسلام، كوأد البنات، وشرب الخمر، وحرمان المرأة منا ميراث، وغير ذلك من العادات التي جاء الإسلام وأبطلها، فاقتضت حكمته تعالى أن يُنـزل أحكامه الشرعية شيئاً فشيئاً، تهيئة للنفوس، وتدرجاً بها لترك ما علق بها من تلك العادات.
يشير إلى هذا المعنى أن تحريم الخمر لم ينزل دفعة واحدة، بل كان على ثلاث مراحل، كما دلت على ذلك نصوص القرآن الكريم. وفي قوله تعالى: {ونزلناه تنـزيلاً}، إشارة إلى أن نزوله كان شيئاً فشيئاً حسب مصالح العباد، وما تتطلبه تربيتهم الروحية والإنسانية، ليستقيم أمرهم، وليسعدوا به في الدارين.