إن صوم رمضان عبادة سرية بينك وبين الله تعالى؛ فأي إنسان لا يمكن أن يعلم على الحقيقة: هل أنت صائم أم لا؛ لذا فالصيام حقيق بأن يبثَّ في نفسك الإخلاص و التقوى معًا؛ وكذلك فالصيام عبادة طويلة تستهلك أكثر من نصف اليوم، وهو ليس مثل الصلاة يمكن أن تنتهي في خمس دقائق؛ لذا فهو يحتاج ثباتًا شديدًا على الطاعة يعين صاحبه على الاستمرار في الصيام على الدرجة نفسها من أول اليوم إلى آخره، وهذا لا يمكن أن يتأتى إلا بالتقوى.
والصيام يمنعك من أمور هي لك حلال في غير وقت الصيام؛ كالطعام والشراب والجماع، والإنسان دائمًا لا يحب ما يمنعه من إتيان رغباته، ويسعى دائمًا إلى التفلُّت من هذا المنع؛ لذا فالصبر على ذلك المنع مع الرضا به هو علامة من علامات التقوى.
كما أن الصيام يُلزمك بأخلاق معينة هي صعبة إلا على المتقين؛ مثل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “... وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ.. “[1]. وهذا أمر لم يعتده الناس؛ أن يتطاول عليك أحد فلا ترد عليه؛ بل حتى لا تسكت وإنما تُذكِّره بأنك صائم؛ ولهذا السبب لن تردَّ عليه اعتداءه، وفي هذا التذكير تذكير للنفس أولًا بأن هذا السكوت ليس ضعفًا؛ وإنما هو إرضاء لرب العالمين سبحانه؛ كما قال عمر بن عبد العزيز: “التَّقِيُّ ملجم لا يفعل كلَّ ما يُريد”[2]، وبهذا تتحقق فيك صفة التقوى.
لماذا ربط الله تعالى رمضان بالتقوى؟
شوهد:993 مرة