كان لعمر بن عبد العزيز قوة النفس ما أفاض عليه جميع فضائل الإمام العادل فهو لم يسع للملك والسلطان كما سعي إليه من قبله من الخلفاء الأمويين بل سعي إليه الملك والسلطان ولذلك شعر بقوته كان لذلك عفيفا وزاهدا شديد الاتهام لنفسه شديد الشعور بالمسؤولية التي انيطت به كان له من قوته ما يجعله يستنصح أهل الرأي لأن القوي الخبير هو الذي يجد من نفسه الشجاعة ليستشير ولا يجد غضاضة في قبول المشورة.
بدأ أعماله برسالة أرسلها إلى جميع عماله بالأمصار يقول فيها “أما بعد فإن سليمان بن عبد الملك كان عبدا من عبيد الله أنعم الله عليه ثم قبضه واستخلفني وإن الذي ولاني الله من ذلك وقدر لي ليس علي بهين ولو كانت رغبتي في اتخاذ أزواج واعتقاد أموال كان من الذي أعطاني من ذلك ما قد بلغ بي أفضل مبلغ بأحد من خلقه وأنا أخاف فيما ابتليت به حسابا شديدا ومسألة عظيمة إلا ما عافى الله ورحم”.
وخطب في أول عهده فقال “من صحبنا فليصحبنا بخمس وإلا فلا يقربنا يرفع إلينا حاجة من لا يستطيع رفعها ويعيننا على الخير بجهده ويدلنا من الخير على ما نهتدي إليه ولا يغتابن أحدا ولا يعترض فيما لا يعنيه” فانصرف عن بابه الشعراء وقالوا: هذا رجل يعطي الفقراء ويحرم الشعراء وثبت عنده الفقهاء والزهاد وقالوا: ما يسعنا أن نفارق هذا الرجل حتى يخالف قوله فعله ولقد بقي على عهده متقشفا في مأكله وملبسه ينفق كل يوم درهمين ولم يتزوج غير فاطمة بنت عبد الملك بن مروان.
ومن دلائل سماحته أن نهي عن سب علي بن أبي طالب على المنابر وكان بنو أمية يفعلون فتركه وكتب إلي الأمصار بتركه وأحل محله الآية التي مازلنا نسمعها في نهاية خطبة الجمعة وهي “إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربي وينهي عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون”.
دروس من التاريخ الإسلامي
زهد وتقشف خامس الخلفاء
شوهد:1039 مرة