أنت تسأل والشيخ يجيب

حكم المصافحة عقب الصّلاة

❊ س: هل المصافحة عقب الصلاة بين المصلين من تمام الصلاة؟

❊❊ ج: المصافحة عقب الصلاة دائرة بين الإباحة والاستحباب، ولكن لا ينبغي أن يعتقد فاعلها أنها من تمام الصلاة أو سنتها المأثورة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.  والقائلون بالاستحباب يستأنسون بما رواه البخاري في صحيحه عن أبى جحيفة رضى الله عنه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالهاجرة إلى البطحاء، فتوضأ ثم صلى الظهر ركعتين والعصر ركعتين وبين يديه عنزة، وقام الناس فجعلوا يأخذون يديه فيمسحون بها وجوههم، قال أبو جحيفة: فأخذت بيده فوضعتها على وجهى فإذا هي أبرد من الثلج وأطيب رائحة المسك.
قال الطبري: ويستأنس بذلك لما تطابق عليه الناس من المصافحة بعد الصلوات في الجماعات لاسيما في العصر والمغرب. إذا اقترن به قصد صالح من تبرك أو تودد أو نحوه واختار الإمام النووي في (المجموع) أن مصافحة من كان معه قبل الصلاة مباحة ومصافحة من لم يكن معه قبل الصلاة سنة وقال في (الأذكار): واعلم أن هذه المصافحة مستحبة عند كل لقاء، وأما ما اعتاده الناس من المصافحة بعد صلاتي الصبح والعصر فلا أصل له في الشرع على هذا الوجه، ولكن لا بأس به فإن أصل المصافحة سنة وكونهم حافظوا عليها في بعض الأحوال، وفرطوا فيها في كثير من الأحوال أو أكثرها لا يخرج ذلك البعض عن كونه من المصافحة التي ورد الشرع بأصلها. 
ثم نقل عن الإمام العز بن عبدالسلام أن المصافحة عقيب الصبح والعصر من الأمور المباحة، وأما ما ذهب إليه بعض العلماء من القول بكراهة المصافحة عقب الصلاة، فإنهم نظروا فيه إلى أن المواظبة عليها قد تؤدى بالجاهل إلى اعتقاد أنها من تمام الصلاة أو سننها المأثورة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ومع قولهم بكراهتها فإنّهم نصّوا كما نقل ابن علان عن المرقاه على أنه إذا مد مسلم يده إليه ليصافحه، فلا ينبغي الإعراض عنه بجذب اليد لما يترتب عليه من أذى بكسر خواطر المسلمين وجرح مشاعرهم، ودفع ذلك مقدم على مراعاة الأدب بتجنب الشيء المكروه عندهم إذ من المقرر شرعا أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح.
وعلى ذلك: فإن المصافحة مشروعة بأصلها في الشرع الشريف، وإيقاعها عقب الصلاة لا يخرجها من هذه المشروعية فهي مباحة أو مندوب إليها على أحد قولي العلماء أو على التفصيل الوارد عن الإمام النووي في ذلك.  مع ملاحظة أنّها ليست من تمام الصلاة ولا من سننها التي نقل عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم المداومة عليها، وهذا هو الذي لاحظه من نقل عنه القول بالكراهة فتكون الكراهة عنده حينئذ في هذا الاعتقاد لا في أصل المصافحة، فعلى من قلد القول بالكراهة أن يراعى هذا المعنى وأن يراعى أدب الخلاف في هذه المسألة. ويتجنب إثارة الفتنة وبث الفرقة والشحناء بين المسلمين، لامتناعه من مصافحة من مد إليه يده من المصلين عقب الصلاة وليعلم أن جبر الخواطر وبث الألفة وجمع الشمل أحب إلى الله تعالى من مراعاة تجنب فعل نقلت كراهته من بعض العلماء، في حين أن المحققين منهم قالوا بإباحته أو استحبابه.
الشيخ محمد مكركب

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024