في ظل التحولات والإصلاحات التي تعرفها الجزائر، والتي بدأت نتائجها في الميدان، ظهرت نقاشات واسعة حول تواجد الشباب داخل الأحزاب والبرلمان، ومدى استعداد هذه الفئة للانخراط في العمل السياسي، وطُرحت العديد من الأسئلة، منها على وجه الخصوص هل الشباب الجزائري يملك إرادة الاقبال على العمل السياسي؟ وهل لديه أصلا ثقافة سياسية؟ وهل السياسيون مستعدون للتحاور مع الشباب؟ وماهي العوائق التي تقف أمامهم لتجسيد طموحاتهم؟. أسئلة عديدة طرحناه على شباب ينشطون داخل جمعيات وأخرين ينتمون للكشافة الإسلامية الجزائرية شاركوا في لقاء برلماني الاسبوع الفارط.
وليد جغلال:
تهميـش غــير مـبرر
تأسف وليد جغلال، لجهل بعض الشباب عمل البرلمانيين والضوابط والقوانين التي تحكم نشاط الأحزاب، حاثا أياه على المبادرة والسعى للانخراط والمساهمة لايصال أفكاره وآراءه المختلفة.
واكد أن غياب الثقافة السياسية لدى بعض الشباب، راجع بالأساس إلى تراكمات خلفتها ممارسات سابقة، افقدته الثقة في الأحزاب وجعلته يعتقد أن الوضع الحالي غير مشجع لولوج العمل السياسي. ودعا القيادات السياسية إلى فتح المجال للشباب، وخلق حوار متواصل معهم، مشيرا إلى أن تواجده بالبرلمان، جعله يكتشف الكثير من الأمور كان يجهلها، معتبرا أن مثل هذه المبادرات توسع ثقافة الشاب السياسية، وتدفعه للانخراط مستقبلا في العمل الحزبي، متسائلا: إذا لم يتحدث النشطاء الجمعويون والكشفيون فمن سيتكلم باسم الشباب، متمنيا أن تتكرر مثل هذه المبادرات.
زكريا احميدي :
الكفاءة معيار أساسي لولوج السياسة
ذكر زكريا احميدي، أن الشباب جزء من مجتمع جزائري يغيب عنه الحوار والنقاش السياسي، لذلك نجد أن ثقافته السياسية محدودة، مبرزا دور وسائل الإعلام والمثقفين في خلق قاعدة مبنية على الحوار والتواصل، ليكتسب الجيل الجديد وعيا سياسيا جيدا، «ونحن كجامعيين ونشطاء جمعويين نحاول أن نخلق جو من النقاش البناء في جميع المسائل بما فيها السياسة».
وأوضح احميدي أن السياسي لابد أن تتوفر فيه عوامل الكفاءة، الأخلاق والأمانة وحب الوطن، ليقوم بدوره كما يجب، وعليه أن يسخر تجربته فيما بعد للشباب، حتى تكون فيه استمرارية، تمكن هؤلاء الشباب من فرض أنفسهم على الساحة السياسية، مضيفا «ليس بالضرورة أن يمر الشاب على التنطيمات والجمعيات ليصبح سياسيا ناجحا، الأساس في كل ذلك هو ثقافته ومعرفته الواسعة، التي تُكتسب في المدرسة والجامعة وعن طريق التكوين والمطالعة، إلى جانب حضور اللقاءات والندوات الحزبية والمشاركة فيها».
وأعاب احميدي على بعض الشباب عدم اطلاعهم على عمل الأحزاب، البرلمانيين والحكومة، داعيا مسؤولي مختلف التشكيلات السياسية والنواب إلى الاهتمام بعنصر الشباب، وفتح جسور تواصل معهم والأخذ بعين الاعتبار اقتراحاتهم وآراءهم، «فمثلما كان الشباب أمس مفجرا للثورة ومناضلا من أجل الحرية والاستقلال، بإمكانه اليوم أن يعطي الكثير، وأن يسخر قدراته ومعارفه لخدمة الوطن والمساهمة في بناءه». وأكد المتحدث أنه لا يفكر حاليا في خوض تجربة سياسية، بقدر ما يسعى للنجاح في مساره الجامعي والحصول على شهادات عليا وعندها ـ كما قال ـ لكل حدث حديث.
وأشار إلى أنه استفاد من لقاءه بالبرلمانيين، واستغل فرصة مشاركته في ورشة ترأستها السيدة اسماء بن قادة، لطرح انشغالات الجامعيين وأهم النقائص التي تعانيها الجامعة الجزائرية.
عبد الرحمن بوهني:
الثقافة السياسية
تكتسب في الميدان
قال عبد الرحمن بوهني، أن «الشباب الجزائري قادر على فرض نفسه في المجال السياسي، لكنه في حاجة ماسة لمن يملكون خبرة وحنكة حتى يكوّن نفسه وينخرط في العمل السياسي بشكل ايجابي ويصبح واعيا بالمهام التي يضطلع بها».
ودعا بوهني الشباب إلى انتهاز الفرص لحضور مختلف اللقاءات والملتقيات السياسية، إلى جانب النشاطات البرلمانية والحزبية، حتى يتعرف عن قرب على المهام التي يقوم بها السياسي، وتسمح له بالإطلاع على ما يجري في الميدان، منوها بمبادرة المجلس الوطني الشعبي الذي فتح المجال للشباب للتعبير على انشغالاته وآراءه، والتعرف على مهام البرلماني وهياكل البرلمان من خلال «منتدى الشباب والبرلمانيين»، متمنيا أن تكون فيه مبادرات مستقبلية .
وقال بوهني «نحن كشباب نحاول أن نكون جيلا متفتحا، يستمع، يتحاور ويتشاور مع الآخرين دون عقدة، وأن نكون ايجابيين في المجتمع ونقوم بدورنا لصالح البلاد والعباد».
علاء الدين سعيدي :
التنشئة السياسية تبدأ بالأسرة
اكتشف علاء الدين سعيدي ولعه بالسياسة باكرا، وكان للوالدين تأثير في ذلك كونهما سياسيين، اختار بعد حصوله على شهادة البكالوريا شعبة علوم سياسية بجامعة الجزائر، تخصص الدراسات الإستشرافية، انخرط في تنظيم طلابي فتح له المجال لاكتساب خبرة في العمل النقابي، من خلال دفاعه عن حقوق الطلبة، ساعدته كثيرا بعد دخوله النضال السياسي والمشاركة في الحملة الانتخابية لتشريعيات ١٠ ماي ٢٠١٢.
وعن ذلك يقول علاء الدين سعيدي «رغم أن ما تعلمناه في الجامعة يختلف نوعاما عن العمل السياسي الميداني، إلا أني استطعت تنشيط حملة انتخابية ناجحة للحزب الذي انتمي إليه على مستوى العاصمة، منحتني فكرة عن حال المنتخبين والناخبين، ولاحظت عزوف بعض الجزائريين خاصة منهم الشباب عن الممارسة السياسية، وتأكدت أن الجزائريين يختارون منتخبيهم على أساس كفاءة ونزاهة المترشح بغض النظر عن انتماءه وتوجهه».
وأضاف سعيدي أن التنشئة السياسية تنطلق من الأسرة ثم المدرسة فالجامعة، مضيفا «لما كنت في الجامعة لاحظت أن الطلبة لا يقبلون على الانخراط في التنظيمات الطلابية، رغم أن أبواب هذه الاخيرة مفتوحة للجميع، وأرى أن العمل النقابي والجمعوي يكسب الشاب وعيا ونضجا سياسيا يساعده ولوج هذا الميدان دون عائق».
وأشار سعيدي أن بعض الأحزاب فتحت مؤخرا الباب للشباب واعطتهم فرص البروز والنشاط، لكن ذلك يبقى غير كاف، مضيفا أن الحزب الذي ينتمي إليه أعطى المجال للشباب لإبداء الراي وتقديم الاقتراحات، «وبالتالي المساهمة معنا في تجسيد البرنامج وتحقيق الأهداف المرجوة».
وأعترف سعيدي بأن عمله في الحزب متعب وشاق نوعا ما، بحيث «أقوم بالإشراف على الأمور التنظيمية والإدارية للأمانة الوطنية للشباب، أي كل ما يخص الهيكلة، تسجيل المداولات... واستقبال اقتراحات الشباب وتقديمها لرئيس الحزب دوريا، لإثراء البرنامج، فهذه الفئة هي أساس تطور البلد، لأنها الاغلبية في المجتمع ولديها انشغالات كثيرة جديرة بالاهتمام».
ودعا علاء الدين الشباب الى الانخراط في العمل السياسي دون تردد قائلا «هناك فجوة بين الجيل الحالي والسابق، ومن المهم التواصل والاحتكاك بين الجيلين»، متسائلا «من سيقود البلاد مستقبلا إن لم ينضم الشاب للانخراط في الحياة السياسية، وضروري ان يستفيد ممن سبقوه».
لقمان زواني :
قدرات لم تستغل
أكد لقمان زواني مسؤول الامانة الوطنية للشباب وعضو المجلس السياسي ، أن الشباب الجزائري لديه قدرات وإمكانيات تؤهله للمساهمة بفعالية في العمل السياسي والتنمية، قائلا «انطلاقا من غياب فضاءات للشباب فكر حزبنا في فتح الباب واسعا لهذه الفئة، لكسب الخبرة والنشاط تمكنه من البروز ودفعه نحو النضال السياسي المستمر».
وأضاف «على الشباب الجزائري أن يناضل ويقوي قدراته حتى يفرض نفسه داخل الأحزاب، والنجاح في هذا المجال يمر حتما عبر تكوين جيد، ويجب أن يكون لديه نفس طويل حتى يبلغ الأهداف».
وكشف لقمان «بصفتي عضو في المكتب السياسي للحزب وكمسؤول على الأمانة الوطنية للشباب، أشرفت على تنظيم لقاء تعارفي الجمعة الفارط بين شباب الحزب لتفعيل دورهم»، لأنهم ـ كما قال ـ القلب النابض لأي تيار سياسي والقادر على صنع المستقبل . مشيرا إلى أن الحزب سيأسس قريبا مجلس وطني للشباب، يضم نوادي متعددة منها نادي الثقافة، الاقتصاد، البحث، الرياضة.. يجمع الطاقات الشبانية التي تنتمي للحزب.
رفيق حمريث (طالب ثانوي وعضو جمعية ندى ـ العاصمة):
الشاب واعٍ سياسيا ومطلع على ما يجري
قال رفيق حمريث أن الشباب الجزائري يتردد في الانخراط والمشاركة في العمل السياسي، ولا يجد من يتحاور ويتواصل معه داخل بعض التيارات،
مضيفا «انتهزت فرصة تواجدي بالمجلس الشعبي الوطني، لتقديم اقتراحات وملاحظات في هذا الشأن، وحاولنا أن نغير نظرة السياسيين للشباب على أنه يشتكي فقط ولا يبادر، بحيث أكدنا على أننا نسعى لوضع قدراتنا وأفكارنا في خدمة المجتمع وتحسين الأوضاع، وباستطاعتنا ذلك لأننا نملك المؤهلات اللازمة لصنع غد أفضل، يلزمنا فقط قليل من الاحتكاك والحوار». مشيرا إلى أن الشاب الجزائري عارف ومطلع على ما يجري. داعيا أياه إلى الانخراط في الجمعيات والكشافة الإسلامية والتنظيمات الطلابية... حتى يكتسب خبرة في النشاط النقابي والجمعوي، تمنحه فرص الاحتكاك بالسياسيين، وتسهل عليه الاندماج في الحياة السياسية، موجها في نفس الوقت رسالة للأحزاب والمسؤولين للانفتاح أكثر على الشباب ومنحه فرصة المشاركة والبروز.