نادرا ما تجد امرأة أو بالأحرى شابة في العشرينيات تزاحم الرجال وتشاركهم مهنا صعبة، ظلت حكرا عليهم. الآنسة عائشة بامون كسرت القاعدة واقتحمت ميدان الأعمال والمقاولاتية لتحجز لنفسها مكانة منذ عدة سنوات في هذا المجال.
صفحة «شباب بلادي» حاورت عائشة حول مختلف شؤون حياتها سيما تحضيراتها للمشاركة بالندوة الدولية حول الكفاءات الشابة بالبحرين قريبا.
@ الشعب: كيف كانت بدايتك مع العمل المؤسساتي؟
@@ عائشة بامون: بعد انقطاعي عن الدراسة في صف التاسعة أساسي، قررت التوجه إلى الحياة العملية ولم أجد سبيلا إلى ذلك عدا مؤسسات التكوين المهني حيث تعتبر الخطوة الأولى في مساري المهني. وسجلت في عدة تخصصات موجهة للمرأة، مثل حلاقة النساء وتصميم الأزياء. إلا أن ذلك لم يمنعني من ممارسة الفلاحة التي تربيت عليها ونشأت بين أحضانها كون أبي من كبار الفلاحين بالمنطقة، وهو ما شجعني لولوج هذا القطاع وتربية الأبقار والأغنام والدواجن، غرس أشجار الزيتون والنخيل ومنها بدأت تتجسد حياتي العملية وفكرت في إنشاء مشروع فلاحي أو مؤسسة إنتاج اقتصادية وهو ما تحقق مع مرور الوقت.
@ من هنا كانت مشاركتك في لقاءات منها الندوة الوطنية للشباب؟
@@ نعم مثلت المرأة الشابة في العديد من المناسبات منها الندوة الوطنية للشباب التي دعمني فيها وزير الشباب معنويا وقدم للشباب الدعم الكامل لمواصلة مسيرة البناء، وستكون لي مشاركة بالخارج في دولة البحرين لأمثل الجزائر في المؤتمر الدولي حول دور المرأة العربية في المجتمع إلا أن اللجنة المنظمة لم تفصل بعد في تاريخ انعقاده.
الأعمال والمقاولاتية واجهة
@ لماذا اخترت قطاع الأعمال، رغم انتمائك لمنطقة غرداية المحافظة ؟
@@ حقيقة لم أكن اعتقد الظهور بهذا المقام الخاص رغم الإرادة المحمولة في إبراز دور المرأة الجزائرية وقدرتها على المساهمة في إدارة العمال، والدافع الأساسي الذي حفزني على خوض المجال المقاولاتي والفلاحي هو الشجاعة التي يجب أن يتحلى بها أي شاب لأدراك طموحاته المسطرة في الحياة.
من الدوافع هو تمثيل منطقة الصحراء بصفة خاصة والجزائر بصفة عامة لأنكم كما تعرفون انتمائي للمجتمع المحافظ وأنا من وادي ميزاب خصوصا مهد الثقافة والحضارة، تلقيت صعوبات في بداية العمل وسط المجتمع إلا أن تمسك بالمبادئ التي نشأت عليها ورسمت لخطوات المرجوة لأن الدوافع تحتاج من الشاب تسطير أهداف للوصول إليها وهو ما أثبته كشابة وامرأة.
@ ما هي المشاريع التي تحصلت عليها في إطار الاستثمار بالجنوب
ومناصب الشغل المستحدثة؟
@@ غداة إطلاق مشروع الوكالة الوطنية للقرض المصغر» أونساج» الموجه لفئة الشباب، قررت الاستفادة منه، قمت بإيداع ملف للاستفادة من مشروع مصغر، وتحصلت عليه. كانت البداية مع مشروع مؤسسة مصغرة أنشأتها تتمثل في وكالة لكراء السيارات، قمت بإنشاء المؤسسة بالتعاون مع أفراد عائلتي التي شجعتني في بداية مشواري ووضع الخطوات الأولى في مجال الأعمال.
واذكر هنا إدارة كل أعمال المؤسسة شخصيا إلى جانب ممارسة عمل الفلاحة الذي يعتبر تحديا كبيرا لشابة مثلي..كنت أتفاوض مع بعض الشركات متعددة الجنسيات لاستغلال سياراتي من نوع «تويوتا» وقد اخترت النوع لملاءمته البيئة الصحراوية.
وأشير هنا إلى أن « انداركو «الأمريكية المتخصصة في قطاع المحروقات بحاسي مسعود تستفيد من خدمات مؤسستي وسأعمل على توسيع نشاطي مع العديد من المؤسسات منها اتفاق مرتقب مع مجمع سوناطراك. وبخصوص مناصب الشغل ستمكن مؤسساتي من توفير 100 منصب شغل كلهم من الشباب واخترت أن يكونوا من المذهبين الإباضي والمالكي وهي فرصة سانحة للم الشمل.
مدينة الألعاب والتسلية كل الطموح
@ كيف يساهم مشروع مدينة الألعاب والتسلية في تحريك التنمية بغرداية؟
@@ مشروع مدينة الألعاب والتسلية الذي تحصلت على رخصة لإنجازه في ولاية غرداية هو من التحديات والرهانات الكبيرة التي أطمح في تجسيدها محليا وأتمنى أن يكون له بعدا وطنيا سيما في الجنوب.
أعول على المشروع في دعم التنمية المحلية. وأقول لكم أن المشروع يشمل عدة مرافق ترفيهية وسياحية هامة، منها فندق ذي ثلاث نجوم ومدينة ألعاب مائية، ومساحات خضراء شاسعة منها ما هو مخصص للعائلات ومنها ما هو للشباب.
بالإضافة إلى هذا هناك مشروع تعاونية فلاحية استفدت منه مؤخرا في إطار التنمية بولايات الجنوب الذي أقره رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة الذي قدم ولا يزال لشباب الجنوب صلاحيات واسعة للشغل وبعث الحركة التنموية، وفي هذا السياق تمكنت من إنشاء التعاونية رفقة بعض المساهمين وقد منحتنا السلطات المحلية وعلى رأسها والي الولاية كل التسهيلات لاستصلاح قطعة الأرض مساحتها 75 هكتارا، وأتمنى أن تسهم في دفع عجلة التنمية والمساهمة في تشغيل الشباب وهو الهدف الأول.
@ كيف كان دورك أثناء أحداث العنف التي شهدتها المنطقة؟
@@ الأحداث التي وقعت بين بعض سكان الأحياء في الحقيقة كانت بالنسبة لي محطة هامة للم الشمل أبناء غرداية وزرع ثقافة التسامح في مجتمع متآلف متعايش عبر العصور، سيما بعد تدهور الوضع في بعض الأحيان بين شباب الولاية حيث كنت أنشط رفقة بعض الصديقات من المذهب المالكي وأود التنويه إلى مسألة حساسة حيث لم تكن هناك خلافات كبيرة بين المذهبين كما نقلها بعض الإعلاميين في الكثير من المناسبات ما زاد حدة التوتر في بعض الفترات وأوضح الاختلافات كانت متعلقة ببعض المسائل التي وجدت طريقها إلى الحل .
وأشير هنا إلى أن شباب مدينة غرداية من كلا المذهبين المالكي والإباضي تجمعهم روابط أخوة كبيرة وعلاقات صداقة متينة حالت دون اتساع رقعة الاحتجاجات وهو ما أثبتته اللحمة التي جمعتني مع صديقاتي في عز الأزمة لأنني أملك شعبية كبيرة في المجتمع باعتباري سياسية سابقة.
@ رغم آليات المرافقة والدعم لمشاريع الشباب هناك من لم يندمج في الحركية ويستمر في التمسك بالنظرة التشاؤمية كيف يمكن إقناعهم ؟
@@ شاركت في الكثير من الندوات الشبانية الوطنية كان آخرها الندوة الوطنية للشباب قدمت خلالها مداخلة حول عوامل نجاح الشباب في بداية مسيرة أي مشروع، لأن الشباب عامة والجزائري خاصة تنتابه مخاوف كثيرة لتحقيق مشروعه الخاص مثلما طرح في ندوة الشباب وغيرها من الندوات وأوضح أن العمل المؤسساتي يتطلب صبرا وجهدا دائما للوصول إلى الأهداف المسطرة وتخطي التحديات دون السقوط في التشاؤم محبط العزائم والطموح.