يبرز العنف بمختلف أشكاله في الوسط الشبابي، وأصبح حديث الساعة بسبب تنامي هذه الظاهرة الاجتماعية الخطيرة، التي ما فتت تنغص يوميات المواطن في كل المناسبات والأماكن. حيث لم يعد العنف يقتصر على الملاعب فقط، بل تعدى ذلك إلى مؤسساتنا التربوية، على غرار الجامعة والمدرسة و حتى في المحيط العائلي والأماكن العمومية، التي أصبحت مسرحا لمختلف أنواع العنف اللفظي والجسدي وغيرها من الأساليب، التي تعددت في صورتها وتوحدت في سلوكها السلبي. «الشعب” توقفت عند أهم الفاعلين في الميدان الشبابي والمختصين لمعرفة أين يكمن الإشكال المطروح في معالجة الظاهرة من كل الزوايا، حيث أكد الفاعلون على عوامل التنشئة والتفاوتات الاجتماعية وتأثير الآفات الخطيرة في حياة الشباب.
رئيس جمعية شباب المستقبل بالطارف:
الوقاية أفضل من العلاج
@ أكد علاء نقال، رئيس جمعية شباب المستقبل بولاية الطارف، أن ظاهرة العنف تعرف تزايدا رهيبا في الوسط الجزائري، ما يدعو إلى تكثيف الحملات التحسيسية والتوعوية، لمعرفة المشاكل التي تحيط بالفئة، لاسيما في الظروف المهنية المعاشة التي تعد جانبا خاصا لمعالجة الاشكالات.
وبخصوص دور جمعيات الشباب في احتواء الظاهرة والتعامل معها، أوضح نقال أن منظمات المجتمع المدني تتحمل مسؤولية معالجة المشكلة والوقوف عند أسبابها بدقة، موضحا أن كل الاستشارات التي يقومون بها أثبتت أن الضغط الاجتماعي الذي تعانيه فئة الشباب وراء ارتفاع حالات العنف.
كما يعد الوازع الديني من بين الجوانب التي يجب التركيز عليها، إذ أوضح المتحدث أن تفشي الآفات الاجتماعية بكل أنواعها عل غرار آفة المخدرات التي تنخر الشباب، تعد عاملا لتعدد العنف، خاصة في الوسط الأسري، وتأسف رئيس الجمعية عن ارتفاع معدلات العنف ضد أفراد العائلة.
ودعا ذات المتحدث إلى اتخاذ إجراءات ردعية كفيلة للحد من ظاهرة العنف، التي صارت سيناريو يومي في حياة الجزائريين، خاصة العنف اللفظي، الذي يتحول في كثير من الأحيان إلى عنف جسدي تستخدم فيه كل أساليب الاعتداء حتى الأسلحة البيضاء.
بلومي لاعب سابق بالمنتخب الوطني
مسيرو النوادي الرياضية يتحملون المسؤولية
@ حمل لخضر بلومي، لاعب المنتخب الوطني السابق مسيري النوادي الرياضية الوطنية، مسؤولية تنامي العنف وسط الملاعب، وأوضح أن مسؤولي النوادي يقومون بدعم الجماهير ماديا، من خلال طرق غير مباشرة، أثناء المباريات لمناصرة فرقهم وعند غياب الدعم يلجأ الشباب إلى العنف المتعدد الأشكال.
وفي طرحه لأهم عوامل انتشار العنف في الملاعب وطرق معالجته، أوضح بلومي أن تكثيف رجال الأمن داخل الملاعب لايعد حلا نهائيا، لأن المناصر يثير من لهجة العنف أثناء مشاهدته لعناصر الأمن المكثفة، وهذا حسب رأي اللاعب من خلال التواصل الدائم مع المناصرين.
كما اعتبر بلومي التفاوت الاجتماعي بين فئات الشباب يخلق عنفا لا متناهي، في قصد منه إلى المبالغ الخيالية التي يتلقاها لاعبو النوادي، والاهتمام الكبير الذي توليه لهم السلطات المعنية، وهو ما يخلق ـ حسبه ـ ضغطا اجتماعيا لدى الشباب يعبر عنه بالعنف في الملاعب.
الدكتور كمال بوقرة أستاذ علم الاجتماع
سلوك الشباب ناتج عن التفاوت الاجتماعي
@ دعا الدكتور كمال بوقرة، أستاذ علم الاجتماع، إلى وضع حلول وقائية واقعية وتجنب الحلول العلاجية المؤقتة لامتصاص العنف الناتج عن الحالة السيكولوجية الاجتماعية المكونة للشباب، وأوضح المختص تدني سلم القيم الاجتماعية وراء تنامي الظاهرة مؤخرا.
وذكر الأستاذ بوقرة عناصر انتشار العنف على غرار تدني سلم الأخلاق، والظروف المحيطة بالشباب نتيجة اتساع دائرة الفقر والاحتياج اليومي، موضحا أنها أوضاع تعرفها حتى البلدان المتقدمة، إلا أنه يجب وضع سياسة شاملة لتفادي الوقوع في اندفاع الشباب كونها فئة فعالة ونشطة تتأثر بالواقع السلبي سريعا.
وفي إطار علاج الظاهرة أشار الدكتور بوقرة إلى أن القضاء على الظاهرة يحتاج إلى وقت طويل ولا يمكن معالجتها على المدى القريب، بل يجب تكاتف جميع الأطراف، لانتهاج أسلوب ناجع في التعامل مع مختلف الظواهر الاجتماعية السلبية التي يعرفها مجتمعنا.