أبرز المجاهد والدبلوماسي السابق صالح بن قبي، الدعم الذي قدمه بعض الأوروبيين وعلى رأسهم الأطباء السويسريين للمناضلين الجزائريين، الذين خرجوا من سجون الاحتلال منهكين نفسيا وجسديا نتيجة أبشع صور التعذيب الذي سلط عليهم، من طرف الجلادين الفرنسيين وأعوانهم من “الحركى”، غداة الإعلان على وقف إطلاق النار ومباشرة بعد الاستقلال.
قال صالح بن القبي من منبر ضيف “الشعب” أنه حين وصل إلى سويسرا في جانفي 1962، كانت حالته الصحية متعبة جدا، ولا يستطيع التكلم بسبب أثار التعذيب الذي تعرض له من طرف الإدارة الاستعمارية في السجون، حيث لقي مساعدة طبية من طرف الطبيب السويسري.
وأكد في هذا الصدد، الدبلوماسي السابق أن كل مناضل أطلق سراحه من السجن كان يذهب إلى البرفسور كريشو لمعالجته، كون أثار التعذيب ما تزال على جسمهم، مشيرا إلى مساعدته من السيدة أصبحت فيما بعد رئيسة اتحاد الصداقة الجزائرية السويسرية، وقدمت مساعدات كبيرة للشعب الجزائري، لإيمانها القوي بعدالة قضيتنا وحجم تضحيات الشعب الجزائري.
وبالمقابل، اعتبر الدبلوماسي الأسبق 19 مارس 1962 أول انتصار حققته الجزائر، قائلا “أن هذا اليوم جاء نتيجة العديد والكثير من التضحيات وبفضل الشهداء، كما أن الشعب الجزائري قد لعب هو الآخر دورا كبيرا كونه وضع كل ثقته في مناضلي وقادة ممثله الوحيد جبهة التحرير الوطني”.
وعن مشاركته في النضال الثوري ذكر د.بن القبي “أنه حضر في أول اتصال مع الحكومة الفرنسية، وكان أول من ألقى الخطاب الرسمي لاستقلال في مدينة بارن في 5 جويلية 1962، بمحفل الدبلوماسية العالمية لأنه كان الوحيد الذي يتقن اللغة العربية، كما وقع على أول اتفاق بين جمهورية الصين الشعبية بين الجزائر المستقلة، كون هذه الأخيرة كانت بحاجة ماسة إلى معلمين وأطباء، حيث استقبل من طرف الرئيس ماوتسي تونغ، واتفاق آخر مع الاتحاد السوفياتي.
أمجاد الجزائر صنعها الشباب
ويرى القبي أن كتابة التاريخ ليست مجرد سرد للأحداث، بل يجب الوقوف عند الأمور الايجابية وتثمينها والتخلي عن ذكر الأمور السلبية، لأنها لا تخدم الأجيال، مشيرا إلى أن من صنعوا أمجاد الثورة همشوا ولا يوجد من يلقن الشباب كيف وصل الشعب الجزائري إلى اندلاع الثورة، قائلا أن هناك سوء تفاهم ما بين الأجيال.
يعتبر هذا أمرا طبيعيا بالنسبة للمجاهد إذ يجب -أردف قائلا- “على شبابنا أن يدرك أن أمجاد الجزائر صنعها الشباب وليس الكبار، هذا الأخير أضاف يقول أقصى ما يمكن فعله هو تمرير النصيحة والتوجيه ، أما القرار وصنع المستقبل فهو من مسؤولية الأشخاص المعنيين به”، على حد قوله.
وتأسف بن القبي في هذا السياق، على كون تاريخنا لم ينل حقه كاملا قائلا: “رأيت أشياء يقشعر له البدن فحين كنت رئيس اللجنة العلمية لمؤسسة الأمير عبد القادر، جاءني صحفي ووضع أمامي كتاب التاريخ سنة أولى متوسط، كتب فيه: لقد ساعدت فرنسا الأمير عبد القادر على الفرار من الجزائر إلى دمشق حيث توفي”، مضيفا أنه من حيث المنطق يجب كتابة عبارة “أطلقت سراحه” وليس الفرار، وثانيا لم يذكر السنوات الخمس التي قضاها قائد المقاومة الشعبية في سجون مارسليا، باريس و«بو” و«أمبواز”.
وفي رده عن السؤال المتعلق بمدى احترام الكتابات التاريخية للمناهج العلمية أوضح القبي أنه “ليس هناك سبيل لكتابة التاريخ منذ الوهلة الأولى، بل لا بد من الارتكاز على البحث المستمر، وكذا الاعتماد على الشهادات والاستنباط والآثار في الكتابات بطريقة علمية صحيحة، مبرزا عظمة تاريخ الجزائر بقوله: “لدينا تاريخ مجيد يحتاج إلى كتابة تعتمد على الشهادات والأرشيف”، مشيرا إلى أن الجزائر تتوفر على المخطوطات التي لم تطبع بعد، كما أن كل مخطوطاتنا القيمة أخذها المغرب وعلى رأسهم باشا الرباط الكتاني ولم يتم إعادتها إلى الجزائر لحد اليوم.
كتابة التاريخ الوطني اعتمادا على الشهادات الحية
مساعــدات هامـة قدمها السـويسريـون للجزائـــر
سهام بوعموشة
شوهد:947 مرة