حرص السيد ابراهيم بوشاشي رئيس الغرفة الوطنية للمحضرين القضائيين على إخراج أو بالأحرى تخليص هذه المهنة من الأحكام المسبقة والخلفيات “المترسخة” في أذهان البعض من الناس نظرا لاعتبارات لاتمت بصلة لحقائق الممارسة في الواقع.
وفي هذا السياق كان السيد بوشاشي حازما وعازما على إعادة الاعتبار لكل من يقوم بهذا النشاط وفق قناعة عميقة تعتمد على خيار الهدوء ونهج محاورة الآخر حتى تستكمل الأهداف المسطرة بالرغم من أن السير على هذا المنوال ليس بالأمر الهين..نظرا لوجود أرضية ملغمة تتطلب الحذر والحيطة في السير بمسالكها ولهذا الغرض استعمل السيد بوشاشي مصطلحات تحمل الكثير من الدلالات كالكرامة، الاحترام، النزاهة، الالتزام والحماية، وتفهم الآخر، والتضامن والإحترافية وغيرها من المصطلحات التي تستدعي أن تحمل محل كل ماهو معاكس لها أو ما يقال أو ما يتبادر إلى أذهان البعض.
ونعتبر حديث السيد بوشاشي لقرابة الساعتين مرافعة تجاه واقع وآفاق المهنة التي يريد لها أن تكون مدرجة في منطق آخر ونعني بذلك اشتغالها في إطار متكامل مع قطاع القضاء، انطلاقا من كونها حلقة قوية تشد تماسك باقي الحلقات من أجل أداء عملها في أحسن الظروف دون أي ضغط أو تجاذبات أو أخذ ورد.
وعليه فإن السيد بوشاشي يرفض أن تكون الغرفة الوطنية للمحضرين القضائيين “مطلبية” فقط كما هو معروف لدى “ النقابات” أو “ المنظمات” أو “ الاتحادات” بل أن قانونها الأساسي واضح في هذا الشأن يشير صراحة إلى أن من المهام المخلول لها الدفاع وحماية مصالح العاملين.
هذا وحده كفيل بأن يكون هناك سعي للمطابقة مع الميدان الذي كشف فيه مسؤولو الغرفة العديد من النقائص التي تحتم تسويتها إن آجلا أم عاجلا.
وتبعا لذلك تعمل الغرفة على طرح كل الملفات التي تعنيها على بساط البحث والدراسة مع وزارة العدل، وهذا لتأكيد حقيقة لا غبار عليها آلا وهي أن المحضر القضائي شريك مؤهل للتواصل مع الجميع قصد إثراء المنظومة التشريعية في زوايا تعني المهنيين مباشرة حتى تكون هناك مرافقة ملموسة بسد كل الثغرات وإغلاق كل الفجوات.
وفي هذا السياق أكد السيد بوشاشي بأن المسؤولية الملقاة على عاتق المحضرين كبيرة جدا، وهو الجهة التي يطلب منها تنفيذ الأحكام الصادرة وفي كثير من الأحيان يجدون أنفسهم في مواقف صعبة وأحيانا معقدة وضمن هذا التوجه تعمل الغرفة على أن تكون لهاعلاقة ممتازة مع مسؤولي وزارة العدل وهذا عن طريق التشاور المثمر والبّناء الذي يسمح بإدراج العديد من النقاط ضمن أولويات رزنامة إدخال أي تعديل على نصوص معينة تتعلق بالمهنة في المواعيد اللاحقة.
ويرى السيد بوشاشي بأن هناك نظرة خاطئة تجاه المحضر القضائي في الجزائر والدليل على ذلك تداول على الألسن كلمة “اللوسي” التي هي مشحونة بقراءة تجنح إلى السلبية في مضمونها الواسع ولابد من التأكيد هنا بأن هذه الصفة لها امتدادات في الذهنية الاستعمارية حيث كان هذا الشخص سيفا مسلطا على رقاب الجزائريين في سلب أملاكهم باسم عدالة ظالمة ومجحفة آنذاك.
اليوم الأمر يختلف المحضر القضائي شغله الشاغل هو أن يكون في مستوى المهمة المسندة اليه للقيام بها على أحسن مايرام دون إلحاق الضرر بأحد وتفادي كل ما من شأنه الصاق تلك الأحكام بالمحضرين فالتبليغ والتنفيذ مهمتان لا بديل عنهما باتجاه تعزيز هذه المهنة تعزيزا قويا يراعي فيها كل المطالب الضرورية التي تنبني على الديمومة شريطة تقويم كل الحالات المسجلة عمليا.