تعزيـز البنيــة التحتية اللازمة لإنجـاح المشاريـع

تحلية مياه البحر..قصص نجاح جزائرية

سعاد بوعبوش

توفـير كميـات معتــبرة مــن ميـاه الســدود لفائـدة قطـاع الفلاحــة

تعمل وزارة الري على تحسين التزود بالمياه، وضمان استمرارية الخدمة عبر الوطن، من خلال التدخل بحلول استعجالية لمعالجة أي اختلالات قد تعيق سير المرفق العام للماء على مستوى الولايات، سواء بالانتقال الميداني المباشر للمسؤول الأول عن القطاع إلى المناطق التي تعاني عجزًا في التموين، أو عبر عقد اجتماعات طارئة تُسدى خلالها تعليمات لتسريع وتيرة إنجاز البرامج المسجلة والجديدة وإزالة العراقيل المطروحة، وذلك تنفيذًا لتوجيهات رئيس الجمهورية الرامية إلى ضمان تموين المواطنين بالماء الشروب على مدار الأسبوع، مع التعهد القاطع بعدم ترك أي مواطن جزائري يواجه العطش.

يحرص القطاع على تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لتحسين التزود بالمياه في الجزائر بتلبية احتياجات السكان من المياه الصالحة للشرب، وري الأراضي الزراعية، وتوفير مياه للقطاعات الأخرى، وذلك عبر عدة محاور من خلال التركيز على استغلال المياه غير التقليدية أهمها تحلية مياه البحر، معالجة المياه المستعملة، وترشيد استهلاك المياه، ناهيك عن الربط البيني بين السدود والتحويلات المائية الكبرى.
وتشكل تحلية مياه البحر، أحد المحاور التي حظيت بأولوية قصوى لتغطية احتياجات السكان من مياه الشرب، خاصة في المناطق الساحلية، وذلك برعاية خاصة من رئيس الجمهورية، حيث رصد لها كل الوسائل المادية والبشرية والتحتية من أجل تنفيذها، بهدف تخصيص كميات كبيرة من المياه المعالجة لري الأراضي الزراعية، مما يساهم في الحفاظ على المياه الجوفية.
وستستفيد الولايات الداخلية من محطات تحلية مياه البحر من المياه الشروب التي تنتجها، مما سيعمل على تحسين الخدمة العمومية الخاصة بالماء الشروب بشكل محسوس، وكان رئيس الجمهورية قد أعلن في آخر لقاء له مع الصحافة عن دخول الجزائر المرحلة الثانية من برنامج التحلية.
 ويتعلق الأمر بإنجاز 06 محطات كبرى إضافية على الشريط الساحلي، وذلك بكل من تلمسان، مستغانم، شلف، جيجل سكيكدة وتيزي وزو، بطاقة إنتاجية تصل إلى 300 ألف م3، وقد تم تهيئة وتجهيز الأرضية العقارية الخاصة بها، والقيام بكل الدراسات المتعلقة بها وبمجرد الانتهاء من ملفها والموافقة عليها من طرف رئيس الجمهورية سيتم الإعلان عن انطلاقها بداية سنة 2026.
وسيتم تعزيز البنية التحتية اللازمة ولنقل وتوزيع المياه المحلاة إلى جميع المناطق المستهدفة، سيما بالجهة الغربية وذلك على طول 250 كلم من مصدر المياه نحو الداخل، بعد أن كان الهدف الأولي 150 كلم، وهو ما يترجم المضي قدما وبوتيرة متسارعة من أجل تعزيز قدرات التزويد بالمياه في المناطق الساحلية والداخلية على حد سواء بهدف ضمان تغطية أكبر كثافة سكانية ممكنة.
وستكون الجزائر من بين الدول الرائدة في هذا المجال بعدد إجمالي يبلغ 31 محطة تحلية مياه تتنوع بين محطات كبرى وأخرى صغرى، بحيث يساهم قطاع الطاقة في تنفيذ برنامج إنجاز محطات تحلية مياه البحر، والذي يشكل حاليا 14 محطة قيد الاستغلال، بقدرة إنتاجية 2.3 مليون م3 يوميا، وتم تدعيمه بخمس محطات أخرى، ما سمح بتلبية 3.8 مليون م3، أي ما يعادل 42% من الاحتياجات من الماء الشروب بداية من السنة الجارية.
وتهدف الجزائر من إنجاز محطات التحلية والمبرمجة مستقبلا إلى الرفع من الاعتماد على المياه المحلاة تدريجيا إلى حدود 42 % في المرحلة الأولى، مقارنة بالنسبة الحالية التي لا تتجاوز 20 %، والوصول بها إلى حدود 60% من إجمالي المياه الموجّهة للشرب في آفاق 2030.
في المقابل، من شأن هذه المشاريع توفير كميات معتبرة من مياه السدود لفائدة قطاع الفلاحة الذي سيستفيد كذلك من المياه المستعملة، بعد خضوعها للمعالجة الثلاثية دون تقييد بهدف زيادة قدرات محطات التطهير ورفع كفاءتها في التصفية، لسقي الأشجار المثمرة، البقوليات وحتى الخضروات.
وقد رصد لتنفيذ برنامج إعادة تهيئة محطات وأنظمة تصفية المياه المستعملة وإيصالها للمحيطات الفلاحية قيمة مالية إجمالية ناهزت 150 مليار دج، وتم منح الموافقة لتنفيذ الشطر الأول بقيمة 34 مليار دج على مدى 3 سنوات 2023-2026.

ترشيد الاستهلاك..لضمان الاستدامة المائية

من جهة أخرى، يمثل ترشيد استهلاك المياه ركيزة أساسية في الاستراتيجية، من خلال تعزيز الوعي بأهمية المياه والحفاظ عليها، لضمان تزويد مستمر بكميات كافية من المياه في الظروف العادية والطوارئ، وتحسين إدارة الطلب على المياه في جميع الاستخدامات، بالإضافة إلى تأمين تزويد السكان بمياه الشرب مع الحد من المياه غير المفوترة، ناهيك عن تطوير جودة الخدمات المقدمة للزبائن، تعزيز الكفاءة الاقتصادية والعملياتية لمؤسسات المياه.
ويبقى الربط البيني بين السدود، في إطار التضامن المائي بين المناطق الأكثر والأقل وفرة للمياه، وكذا التحويلات الكبرى للمياه جنوب- جنوب وجنوب - شمال أحد الحلول القائمة التي يلجأ إليها لتزويد عدة مناطق من البلاد بمياه الشرب، وتم إطلاق دراسات متعددة لمشاريع التحويلات الكبرى للمياه من المناطق الأكثر وفرة من المياه إلى المناطق الأقل وفرة.

..تحسين كفاءة شبكات التوزيع..

في المقابل، تركز المؤسسات المسيّرة لمرفق الماء على غرار «سيال» والجزائرية للمياه على عملية تحديث لشبكة التزويد بالمياه الصالحة للشرب، مع التركيز على تحسين كفاءة شبكات التوزيع، من خلال مكافحة تسربات المياه في شبكات التوزيع، وتجديد القديمة منها وإصلاح التسربات خاصة وأن التسربات تتجاوز 40 بالمائة.
كما تعمل على تعميم أنظمة المراقبة الذكية والتحكم عن بعد في شبكات المياه، استخدام أجهزة استشعار وأنظمة تحكم متصلة بالإنترنت لمراقبة وضبط تدفق المياه والضغط وجودة المياه في الوقت الفعلي، وأنظمة التحكم الآلي التي تستخدم لضبط صمامات المياه وضخ المياه تلقائيا بناء على البيانات التي تجمعها أجهزة الاستشعار، بالإضافة إلى استخدام برامج التحليل والتقييم للبيانات التي تجمعها أجهزة الاستشعار وتحديد الاتجاهات والتغيرات في شبكة المياه، وكذا منصات المراقبة والتحكم عن بعد، التي تسمح للقائمين على تسيير الماء بمراقبة شبكة المياه والتحكم فيها من أي مكان وفي أي وقت، إلى جانب إدخال العدادات الذكية.

..تدخلات مباشرة لحل أزمة المياه بالولايات..

وبخصوص حالات الجفاف في بعض الولايات، سجل القطاع عدة تدخلات مباشرة كان آخرها بولاية المدية، من خلال إشراف وزير الري شخصيا على ملف خدمة التزود بالمياه الصالحة للشرب عبر كافة بلديات الولاية 64، حيث اطلع على الوضعية الراهنة لقطاع المياه في الولاية، والتحديات التي تواجه منظومة التزويد، لا سيما في ظل الارتفاع المتزايد في الطلب وتغيرات المناخ التي أثرت على الموارد المائية.
ومن هنا كانت التوجيهات بضرورة التنسيق الفعّال بين مختلف الفاعلين والهيئات المحلية والوطنية لضمان تقديم خدمة متميزة للمواطنين، مع تسريع وتيرة إنجاز المشاريع المائية الجاري تنفيذها، والالتزام الصارم بالمعايير التقنية والجداول الزمنية المحدد، ودعم هذه المشاريع وتذليل العقبات الإدارية والمالية التي قد تعيق تقدمها.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19855

العدد 19855

الخميس 21 أوث 2025
العدد 19854

العدد 19854

الأربعاء 20 أوث 2025
العدد 19853

العدد 19853

الثلاثاء 19 أوث 2025
العدد 19852

العدد 19852

الإثنين 18 أوث 2025