تدعّم قطاع التكوين والتعليم المهنيين في الجزائر، بهياكل قاعدية جديدة، وتخصصات مهنية وتقنية جدّ نوعية، تجاوزت النسق التدريبي الكلاسيكي السابق، بإدراج فروع حديثة مثل ميكانيك القطارات والسكك الحديدية وتحلية مياه البحر بالمنظومة البيداغوجية، تماشياً مع رغبة السلطات العليا التي باشرت تنفيذ وتجسيد مشاريع تنموية واقتصادية كبرى عبر ولايات الوطن الثّماني والخمسين.
أصبح التكوين المهني ركيزة قطاعية أساسية تتماشى ومتطلبات التشغيل الوطنية، تُواكب التحديات الاقتصادية المستقبلية، وتستجيب لخطة الإنعاش التنموي الشاملة سارية المفعول في البلاد منذ خمس سنوات تقريباً، حيث فتحت الوزارة الوصية مؤخرا ما يزيد عن 261 ألف منصب بيداغوجي تكويني لدورة فيفري 2025، تشمل العديد من أنماط التدريب وفق رغبات الشباب الطامحين في ولوج عالم الشغل من بوابة القطاع وما يتيحه من فرص جمّة.
رقمنة قطاعية ريادية
ويعتبر قطاع التكوين والتعليم المهنيين من القطاعات الريادية في مجال الرقمنة في الجزائر، التي بلغت به مستويات تطبيقية نسبية متقدمة، اتساقا مع توجيهات رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، يترجمه إعلان الوزارة إطلاق منصّة إلكترونية معنية بالتسجيلات الرقمية عن بعد للطلاب الراغبين في الالتحاق بسوق الشغل بالتزامن مع قرب افتتاح دورة فيفري 2025، في خطوة هامة عكست مدى الاستجابة السريعة لعصرنة التكوين المهني والتمهين وجعل ولوجه بضغطة زرّ ومن دون ورقٍ.
وقبل أسبوعين، أعلن وزير التكوين والتعليم المهنيين، الدكتور ياسين وليد، عن إطلاق منصّة رقمية جديدة تحت اسم “تكوين”، تهدف إلى تبسيط إجراءات التسجيل لدورة فيفري 2025، وتركّز على إتاحة خدمات رقمية مبتكرة، جاء في طليعة مميزاتها الخدمية تقديم الشهادات النهائية الإلكترونية لتأكيد المؤهلات بشكل موثوق وسرّي، والتسجيل الإلكتروني المبسّط من دون الحاجة إلى وثائق ورقية، مع إطلاق بطاقة “متكون” الرقمية لتسهيل الوصول إلى خدمات التكوين.
ويُرجى من عملية التحول الرقمي هذه، بحسب ما ذكرته الوزارة، تعزيز جودة التكوين وضمان مستقبل رقمي واعد، وتحسين أداء وكفاءة القطاع، وتلبية احتياجات سوق العمل في الجزائر، وهذا من خلال توفير زر منصة “تكوين” لفائدة كل الشباب الراغبين في الحصول على تدريب مهني على الموقع (www.takwin.dz).
شراكات دولية متعدّدة
وشرعت وزارة التكوين والتعليم المهنيين منذ أشهر قليلة، في إبرام مذكرات واتفاقيات تدريبية عالية المستوى، مع نظيراتها من مختلف دول العالم، من أجل ترقية وتحسين أداء القطاع، وجعل منظومته التكوينية أكثر جودة ونجاعة تشغيلية، ورائدة في قارة إفريقيا والشرق الأوسط.
وكان آخر اتفاقية عقدتها الوزارة مع الشريك الألماني، هدفت إلى تعزيز التعاون الاستراتيجي بين الدولتين في التكوين المهني، ترتبط أساسا بتحسين قابلية التوظيف، وذلك بالشراكة مع سفارة ألمانيا الاتحادية بالجزائر، ووكالة التعاون الألماني، قصد الاستفادة أكثر من التجربة الألمانية الرائدة في المجال، من خلال إدخال منهجيات حديثة في المنظومة الوطنية، وتحسين جودة التكوين لتمكين خريجي القطاع من الاندماج بسهولة في سوق العمل.
وفي إطار التعاون الجزائري –الصيني، سبق وأن أمضت وزارة التكوين والتعليم والمهنيين، على مذكرة تفاهم بين المعهد الوطني للتكوين وجمعية الابتكار في التعليم الصين -شمال إفريقيا، تناولت بنودها عدة محاور على غرار التبادل في تخصصات التكنولوجيا الحديثة، والذكاء الاصطناعي، الطاقات المتجددة وتكوين المكونين.
كما استقبل وزير التكوين والتعليم المهنيين، الدكتور ياسين وليد، وزير التربية والاستحقاق الإيطالي، السيد جوزيبي فالديتارا، في اجتماع هام ارتكز على تعزيز التعاون الثنائي بين الجزائر وإيطاليا في مجال التكوين والتعليم المهنيين.
وشهد اللقاء ذاته، توقيع مذكرة تفاهم تضمّنت عدة محاور أساسية لتعزيز الشراكة بين البلدين، من أبرزها تطوير برامج تدريبية تلبّي احتياجات سوق العمل لضمان توافق التكوين مع متطلبات الاقتصاد الحديث، وتحديد المجالات ذات الاهتمام المشترك مع التركيز على القطاعات المرتبطة بالاقتصاد، وتحسين كفاءات المكونين في التقنيات الحديثة والتعليم الإلكتروني، مع العمل على معادلة الشهادات وتبادل المناهج الدراسية، وكذا عصرنة البرامج المتعلقة بالاقتصاد الرقمي لدعم تطوير التكوين وتحسين قابلية التشغيل.
وأوضح الوزير ياسين، عقب توقيع المذكرة سالفة الذكر، استراتيجية القطاع الجديدة المُعتمِدة على تكييف عروض التكوين مع الحاجيات الحقيقية لسوق العمل الوطني، خاصة في القطاع الصناعي الذي يحظى حالياً باهتمام متزايد من الشركات الإيطالية.