الباحث في الشّؤون الإستراتيجية بوحنية قوي لـ “الشعب”:

التاريـخ سيُعــاد قراءتـه والمذنبون سيُساءلون

سفيان حشيفة

تعزيز حقوق الأجيال في بيئة صحية ومستدامة

 أفاد الخبير والباحث في الشؤون الإستراتيجية، البروفيسور بوحنية قوي، أن ما قامت به فرنسا من تفجيرات نووية في الجزائر يعادل من 4 إلى 5 مرات قوة تفجير قنبلة هيروشيما اليابانية، حيث ذهب ضحية تجربة ما سُمِّي آنذاك بالعربون الأزرق بالجنوب الكبير إبان الحقبة الاستعمارية، آلاف القتلى والمصابين والعاهات المستديمة وسرطانات الجلد والأجنّة المشوّهة، وغيرها من المضاعفات الصحية الخطيرة جدا.
 أوضح البروفيسور بوحنية، في تصريح خصّ به “الشعب”، أنّ فرنسا تعاملت في الجزائر كقوة عظمى كولونيالية يحلو لها تجاوز كل الخطوط الحمراء، وهذا ما فعلته بكثير من أبناء الشعب الجزائري سواءً القاطنين في منطقة رقان بأدرار، أو أولئك الذين استجلبتهم من باقي ربوع الوطن، وأرادت أن تضعهم تحت الاختبار النووي لتقصّي ما سيجري على وضعهم الصحي والنفسي، وفق ما اقتضته العقلية الاستعمارية الاستعلائية.
وأبرز الخبير ذاته، أنّ فرنسا تصرّفت وفق هذه الرؤية كأنّها ذلك القوي الذي لا يمكن محاسبته لا في الوقت الحاضر ولا في المستقبل، وهي متناسية أن التاريخ سيُعاد قراءته، وسيخضع المذنبون الفرنسيون للمساءلة مهما طال الزمن، من خلال إعادة فتح ملف الذاكرة بين البلدين.
باريس تتلكّأ في الوفاء بالتزاماتها؛ لأنّ مثل تلك التجارب النووية تتطلب تعويضات مادية ومعنوية، وإقرار بالجريمة وتجريم الاستعمار، والاعتذار عن الجرم مكتمل الأركان تجاه الشعب الجزائري، وهو ما يرفضه اليمين المتطرف الذي يصنع القرار السياسي حالياً في قصر الإليزيه، بحسب قوله.
ومع ذلك، أكّد البروفيسور بوحنية قوي، أنّ الأمل ما زال معقودا وقائما على النخبة الفرنسية التي ربّما تُمسك صناعة القرار في المستقبل، وتنظر للتاريخ نظرة حيادية، وتُنصف ضحايا التفجيرات النووية، وتفتح ملف الذاكرة على مصراعيه حتى تُراجع ماضيها الاستعماري الأسود، وقد تتعامل كما تتصرف الشعوب المتحضّرة، ومثلما تعاملت كثير من الدول والمماليك الاستعمارية الأخرى تجاه مستعمراتها السابقة عبر الاعتراف والتعويض عن الأضرار المادية والمعنوية.
وأشارت وزيرة البيئة وجودة الحياة، نجيبة جيلالي، مؤخّرا بمجلس الأمة، أنه سيتم إدراج مطلب الجزائر المتعلق بتحميل فرنسا مسؤولياتها في إزالة المخلفات الكارثية للتفجيرات النووية بالجنوب إبان الحقبة الاستعمارية، في إطار واضح وصريح ضمن التشريعات البيئية الوطنية، بغية تعزيز حقوق الأجيال الحالية والقادمة في بيئة صحية ومستدامة، مع مواصلة العمل على هذا الملف بكل الوسائل المتاحة بما يضمن انتزاع الحق للشعب الجزائري، وحماية البيئة من هذه الآثار المدمّرة.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19684

العدد 19684

الإثنين 27 جانفي 2025
العدد 19683

العدد 19683

الأحد 26 جانفي 2025
العدد 19682

العدد 19682

السبت 25 جانفي 2025
العدد 19681

العدد 19681

الخميس 23 جانفي 2025