الجزائر وريادة مكافحـة الإرهاب في إفريقيا

اجتماع أممي برؤيـة جزائريـة شاملـة

علي م.

تجربـة ناجحة وأنموذج إقليمي ودولـي في مكافحـة الإرهـاب وهزيمته

  تواصل الجزائر التأكيد على ريادتها الإقليمية والدولية في مواجهة ظاهرة الإرهاب، مستندة إلى تجربة تاريخية رائدة وموقف سياسي ثابت يعكس التزامها بالدفاع عن السلم والأمن في إفريقيا، وتحت قيادة رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، الذي جعل من مكافحة الإرهاب أحد أهم أولويات الدبلوماسية الجزائرية، عقد خلال الأيام الماضية اجتماع رفيع المستوى في مجلس الأمن الدولي بطلب من الجزائر خلال ترأسها للمجلس في شهر جانفي الجاري، لمناقشة تصاعد الظاهرة الإرهابية في إفريقيا وسبل التصدي لها.

 الاجتماع الذي حظي بمشاركة واسعة من ممثلي الدول والمنظمات الإقليمية والدولية، شكّل منبرًا لإبراز رؤية الجزائر في مكافحة الإرهاب، حيث تتجاوز هذه الرؤية الحلول التقليدية لتطرح مقاربة شاملة تُعنى بمعالجة الجوانب الأمنية والإنمائية والإنسانية على حد سواء، وكان الرئيس تبون، خلال كلمته في النقاش رفيع المستوى لمجلس الأمن عام 2023 قد قدّم خطة متكاملة لمكافحة الإرهاب في القارة، ما يعكس رؤية مستقبلية خاصة وأن الأرقام في تزايد مستمر، حيث شهدت القارة الافريقية أكثر من 3200 هجوم إرهابي أودى بحياة أكثر من 13.000 شخص خلال عام 2024.

أرقام مقلقة وتحدّيات متزايدة

 في نفس السياق، أشارت الإحصائيات التي عرضها وزير الخارجية أحمد عطاف خلال الاجتماع إلى أن إفريقيا أصبحت مركزًا عالميًا للإرهاب، حيث تُسجّل القارة 48 % من الوفيات المرتبطة بالإرهاب عالميًا. علاوة على ذلك، شهدت إفريقيا زيادة بنسبة 400 % في الهجمات الإرهابية خلال العقد الماضي، مع انتشار الجماعات المسلحة في منطقة الساحل والصحراء، التي تسيطر على مساحات شاسعة وتديرها كسلطات أمر واقع.
هذا الانتشار المقلق للإرهاب جعل من القارة الإفريقية أكثر عرضة للتأثيرات المدمرة على السلم والتنمية، بالإضافة إلى ذلك، تطوّرت أساليب تمويل هذه الجماعات لتشمل استخدام التقنيات الحديثة والابتكارات المالية، ما يزيد من تعقيد التّحديات التي تواجهها الدول الإفريقية.

رؤية جزائرية شاملة لمواجهة الإرهاب

 وأوضحت الجزائر، خلال الاجتماع، أنّ مكافحة الإرهاب تتطلّب معالجة متعدّدة الأبعاد تتجاوز الحلول الأمنية التقليدية، وفي هذا الإطار، دعا وزير الخارجية إلى ضرورة الجمع بين التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسات الأمنية، مشيرًا إلى أنّ مسار وهران، الذي أطلقته الجزائر، يقدّم نموذجًا أفريقيًا متكاملًا لمواجهة هذه التحديات.
علاوة على ذلك، كان رئيس الجمهورية في العديد من المحطات قد بيّن أن دعم إفريقيا ليس خيارًا بل ضرورة، مؤكّدًا أن الإرهاب لا يعرف حدودًا، وأنّ تأثيراته السلبية قد تمتد لتشمل العالم بأسره إذا لم يتم التصدي لها بشكل عاجل.
وفي هذا الصدد، أعرب الدكتور حسام بولحية، أستاذ الدراسات الأمنية والدولية في تصريح لـ “الشعب”، أنّ الجزائر تقدّم تجربة فريدة في مكافحة الإرهاب، حيث استطاعت بناء مقاربة تجمع بين القوة الصارمة والتنمية المستدامة، وهو ما يجعلها نموذجًا يحتذى به في إفريقيا.
ويضيف الدكتور بولحية، أنّ الإرهاب ظاهرة عابرة للحدود لا تقتصر على دولة أو منطقة بعينها، بل تمتد تأثيراتها لتشمل الأمن والاستقرار العالميين. وأوضح قائلاً: “إنّ المقاربة التي تتبنّاها الجزائر تعكس فهمًا عميقًا لطبيعة الإرهاب، الذي يعتمد في انتشاره على استغلال الثغرات الأمنية والفكرية والتنموية. والجزائر لا تركّز فقط على الحلول العسكرية والأمنية، بل تسعى إلى تجفيف منابع الإرهاب من جذورها، سواء كانت تمويلية أو فكرية”.
وأضاف الدكتور بولحية، أنّ هذه المقاربة تعتمد على ثلاثة محاور أساسية: أولاً، تعزيز التعاون الدولي لضمان قطع مصادر التمويل التي تعتمد عليها الجماعات الإرهابية، والتي تشمل شبكات الجريمة المنظّمة والتجارة غير المشروعة بالمخدرات الخاصة القادمة من المغرب، ثانيًا، محاربة الفكر المتطرّف من خلال إطلاق مبادرات تعليمية وتوعوية تسعى إلى تعزيز التسامح وقيم التعايش. ثالثًا، التركيز على التنمية المستدامة، حيث إنّ الفقر والتهميش الاجتماعي يوفّران بيئة خصبة لتجنيد الأفراد، واستقطابهم إلى صفوف الجماعات المتطرفة.
وأشار بولحية إلى أنّ “الجزائر تقدّم نموذجًا يُحتذى به في هذا السياق، حيث تعتمد على رؤية شاملة تعزز التنسيق بين السياسات التنموية والأمنية، خاصة وأن الفقر والتهميش ليسا مجرّد تحديات اقتصادية، بل هما عوامل أساسية تُغذي الإرهاب وتُسهم في تفاقمه. لذلك، فإنّ الجزائر تدعو دائمًا إلى ضرورة استثمار المجتمع الدولي في دعم الدول الإفريقية التي تعاني من هذه التحديات لضمان تحقيق الاستقرار المستدام”.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19680

العدد 19680

الأربعاء 22 جانفي 2025
العدد 19679

العدد 19679

الثلاثاء 21 جانفي 2025
العدد 19678

العدد 19678

الإثنين 20 جانفي 2025
العدد 19677

العدد 19677

الأحد 19 جانفي 2025