بتكليف من رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، ترأّس وزير الدولة، وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج والشؤون الإفريقية أحمد عطاف الثلاثاء بنيويورك، اجتماعا رفيع المستوى لمجلس الأمن الدولي حول مكافحة الإرهاب في القارة الإفريقية.
أوضح عطاف في ندوة صحفية نشّطها مؤخرا، أنّ هذا الاجتماع رفيع المستوى يشكّل حدثا رئيسيا في إطار الرئاسة الجزائرية لمجلس الأمن لشهر يناير، ويهدف إلى “مناقشة توسع الأنشطة الإرهابية في أفريقيا والتهديدات التي تشكلها على أمن واستقرار البلدان الأفريقية”.
وأكّد في حوار مع قناة الجزائر الدولية “أل 24 نيوز”، أن هناك مسؤولية كبرى ملقاة على الجزائر في مجلس الأمن الدولي فيما يتعلق بمكافحة آفة الارهاب في إفريقيا بحكم أن رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، هو الناطق باسم إفريقيا في ميدان مكافحة الإرهاب، والمخول له صلاحية متابعة هذا الملف باسم القارة.
وأوضح عطاف أنّ “الجزائر لاحظت في الآونة الأخيرة أنّ المجموعة الدولية صرفت أنظارها عن هذه الآفة القائمة في إفريقيا. لذا، وددنا من خلال هذه المبادرة (الاجتماع الوزاري بمجلس الأمن)، إعادة إقحام المجموعة الدولية وإعادة تسليط الضوء من طرفها على هذه الآفة، التي أصبحت تتميز ببعض الخصائص”.
وأشار الوزير، في هذا السياق، إلى “توسّع” الإرهاب في إفريقيا، في وقت “تتراجع فيه هذه الظاهرة في العديد من مناطق العالم”، لافتا إلى أنّ “الإرهاب أصبح أقوى من حيث العدد”.
وأكّد في هذا الصدد “أنّ الإرهاب كذلك تقوى من ناحية الأعداد، بحيث أنه اليوم أصبح من الصعب بالنسبة لنا أن نتكلم عن مجموعات إرهابية، وأصبحنا نقول جيوشا إرهابية بالنظر إلى الأعداد المتكاثرة التي أصبحت تتمتع بها هذه المجموعات”.وأكّد وزير الخارجية أنّ التهديد الذي يشكله الإرهاب على القارة ارتفع بشكل كبير في السنوات الأخيرة، مشيرا إلى “تطور حقيقي بين الجماعات الإرهابية في أفريقيا”. وأضاف أن هؤلاء “تمكّنوا من الحصول على أسلحة متطورة تستخدم في عمليات أصفها بالعسكرية”. وقال إنّه لاحظ “من بين الجماعات الإرهابية إتقانا للتكتيكات والاستراتيجيات العسكرية، مما يدل على التطور الخطير للإرهاب في أفريقيا”، ومن هنا تأتي الحاجة إلى تنظيم هذا الاجتماع في مجلس الأمن لمناقشة أفضل نهج يمكن اتباعه لإدارة الإرهاب والرد على التهديد الإرهابي. علاوة على ذلك، يجري التفاوض بشأن مشروع إعلان رئاسي اقترحته الجزائر في إطار الاجتماع.
وفي مارس 2020، اعتمد مجلس الأمن بيانا رئاسيا بشأن التهديد الذي يشكّله الإرهاب في أفريقيا، معتبرا أنّ وجود الإرهاب والتطرف العنيف المؤدي إلى الإرهاب من شأنه أن يقوض التنمية الاجتماعية والاقتصادية في الدول المتضررة. كما أكّد على أهمية اتباع نهج شامل لمكافحة الإرهاب والجهود الرامية إلى معالجة الأبعاد الإنمائية والاجتماعية والاقتصادية للتحدي الذي تشكله الجماعات الإرهابية.
وكان مجلس الأمن الدولي اتخذ مؤخرا خطوة “حاسمة” في مكافحة تمويل الإرهاب من خلال تأييده لاعتماد لجنة مكافحة الإرهاب التابعة له لمجموعة من المبادئ التوجيهية، والتي تتضمّن الآن: اسم الجزائر: “المبادئ التوجيهية للجزائر”.
إنّ هذا الإنجاز الدبلوماسي الكبير، الذي جاء نتيجة لعملية تفاوض مكثفة استمرت لمدة عام كامل، تحت الرئاسة الجزائرية للجنة مكافحة الإرهاب، والذي يضاف إلى الإنجازات السابقة خلال ولاية الجزائر في مجلس الأمن، يؤسّس لإطار دولي جديد لمواجهة التحديات التي تفرضها التطورات السريعة في التكنولوجيات المالية.
ومع نهاية السنة الأولى من عهدتها في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة (2024-2025)، تركت الجزائر بصمة بارزة في الهيكل الدولي لمكافحة الإرهاب، حيث يعد اعتماد “مبادئ الجزائر” بشأن تمويل الإرهاب باستخدام التكنولوجيات الحديثة إرثا ملموسا لهذه العهدة، ويمثّل إسهاما تاريخيا في تعزيز السلم والأمن الدوليين.