التعريــف بالتاريـخ والترويـج للوجهــة السياحيـة للجزائر
عزّزت الجزائر بتوجيهات من رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، السينما الجزائرية بإصدار قانون خاص بالصناعة السينماتوغرافية وتدشين معهد عالي للسينما، لأول مرة في تاريخ الجزائر، بهدف إيجاد ديناميكية اقتصادية حقيقية في هذا المجال بترقية الاستثمار ودعم المشاريع الخاصة، إعداد السياسة الوطنية في مجال الصناعة السينماتوغرافية والسهر على تنفيذها”، حيث تهدف هذه السياسة الوطنية إلى “التطوير الاقتصادي والاجتماعي والثقافي” لهذه الصناعة و«تكييفها مع التطورات والابتكارات التكنولوجية”، إلى جانب الحفاظ على الهوية الوطنية وتعزيز اللحمة الوطنية” و«تثمين الأحداث التاريخية ومآثر المقاومة الوطنية والثورة التحريرية”، بالإضافة إلى “التعريف بالتاريخ وتثمين الذاكرة الوطنية” و«الترويج للوجهة السياحية للجزائر”.
تتعدّد مستويات الأمن القومي للدول بين أمن صلب، ويتمثل في امتلاك القوة العسكرية لردع الخصوم، وأمن لين ويقصد به الأمن الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والثقافي، هذا الأخير الذي أولته الدول المتقدّمة حيّزا واسعا، ولا أدل على ذلك من الولايات المتحدة الأمريكية عبر مؤسسة هوليوود، التي استطاعت نشر النموذج الأمريكي أو نمط الحياة الأمريكي على أوسع نطاق.
يوضّح المثال أعلاه قدرة وقوة الصناعة السينمائية على توجيه الرأي العام سواء الداخلي أو الخارجي إزاء قضايا بعينها، أو نشر ثقافة معينة، وإيصال رسائل سياسية للمجتمعات الأخرى، وهي تشكل جانبا من القوة الناعمة للدولة، من حيث التأثير داخل المجتمع أو خارجه دون استعمال أي وسائل قسرية، فيتعزّز الانتماء وتتوحّد الإرادات وتنبذ الفرقة، ويقوي الروح الوطنية والرغبة في الدفاع عن الوطن والاستعداد الدائم لذلك، ما يزيد من قوة الدولة، التي تتصرف حينها إلى تمتين مكانتها الدولية.وتعمل السينما أيضا على تشكيل مخيال جماعي للماضي، للأجيال التي لم تعش ذلك الماضي، وإعادة إنتاجه لتحرّك المشاعر الجماعية وتربط الأجيال ببعضها البعض في استمرارية تشد من التلاحم والمضي قدما نحو التشييد. وبالعودة إلى السينما الجزائرية، التي ارتبطت بقيم المقاومة والذاكرة والتحرر، استطاعت أن ترسّخ ذاكرة جماعية تجاه المستعمر السابق، وربطت الماضي بالحاضر ما تولّد عنه ذكريات جماعية لبشاعة ما ارتكبه المستعمر في حق الشعب الجزائري طيلة عشرة عقود ونيف، وانعكس ذلك في الرفض المطلق لكل تدخل خارجي في الشأن المحلي، وهو ما يتأكد في الوقت الراهن، حيث رفض الشعب الجزائري أيام الحراك المبارك كل محاولات التدخل الخارجية خاصة من فرنسا، بفعل المناعة التي اكتسبها من سنوات الاحتلال والتي رسّختها كما أشرنا الأفلام السينمائية، وفي كل مرة تحاول أطراف فرنسية التهجم على الجزائر يقف الشعب موقفا واحد إلى جانب بلاده. وبالتالي صنعت تلك الأفلام السينمائية الماضي المشترك والحاضر والمستقبل الواحد في كنف الجزائر الواحدة الموحدة، الغنية يتنوع ثقافاتها، ليكون ذلك رافدا من روافد تدعيم الأمن الوطني في مواجهة التحديات.