تعد الشّركة الجزائرية للطاقة شركة رائدة في مجال إنجاز وتسيير محطات تحلية مياه البحر بمهارات وسواعد جزائرية، وهي تسير اليوم بخطى ثابتة نحو مرحلة دمج الطاقات الجديدة لإنتاج الطاقة الكهربائية، حيث تسعى إلى كسب رهان الانتقال الطاقوي انطلاقا من مشاريع نموذجية تم تجسيدها ميدانيا في انتظار توسيعها في المستقبل القريب.
ترتبط محطات تحلية مياه البحر التي تنجزها وتسيرها الشركة الجزائرية للطاقة التابعة لمجمع سوناطراك بصورة وطيدة بالطاقة الكهربائية في إنتاجها اليومي، حيث يعول عليها في توفير وتعزيز الأمن المائي، وبالتالي الانخراط الكلي في مسار التنمية المستدامة.
ولا يمكن الحديث عن التنمية المستدامة دون الوقوف أمام حتمية الانتقال الطاقوي، وضرورة اللجوء الى الطاقات الخضراء والمتجددة، حفاظا على البيئة والمحيط ومن أجل تقليص بصمة الكربون، وأيضا تفادي استعمال الطاقات الأحفورية على المدى المتوسط والبعيد.
وفي هذا السياق، تعمل اليوم الشركة الجزائرية للطاقة التابعة لمجمع سوناطراك على تطوير مشروع رائد يتعلق بدمج الطاقات المتجددة في تسيير محطات تحلية مياه البحر الجديدة المقرر إنجازها في المستقبل القريب.
في هذا الشأن، كشف مدير التطوير بالشركة الوطنية للطاقة سفيان زعميش، الذي التقته “الشعب” خلال الطبعة 14 لصالون الطاقات المتجددة وطاقات المستقبل والتنمية المستدامة “ايرا” بوهران، عن انخراط سوناطراك في سياسة الانتقال الطاقوي وتخفيض بصمة الكربون، واستعدادها التام لتبني استعمال الطاقات المتجددة والنظيفة في تسيير محطات تحلية مياه البحر الستة التي سيتم إنجازها في آفاق 2025-2030.
خطـوة أولـى
يضع مجمّع سوناطراك من خلال فرعه الجزائرية للطاقة مشروع الانتقال الطاقوي في تسيير واستغلال محطات تحلية مياه البحر صلب اهتماماته، ويوجد هذا المشروع حاليا قيد الدراسة، حسب ما أشار اليه مدير قسم التطوير سفيان زغميش.
ومن المقرر وفق زغميش أن يتم “إدماج الطاقة الشمسية في تسيير محطات تحلية مياه البحر 6 الجديدة، والتي ينتظر الانطلاق في انجازها خلال السنة الجارية، بعد الانتهاء من الإجراءات الادارية، والافصاح عن المناطق المخصصة ولها.
ويمثل مشروع الانتقال الطاقوي الذي تبنته الشركة الجزائرية للطاقة “خطوة عملاقة” و«رائدة”، يمكن من خلالها يقول مدير قسم التطوير “الوصول إلى انتاج نسبة تتراوح من 30 الى 50 % من احتياجات هذه المحطات من الكهرباء المولدة بالطاقة الشمسية والوصول إلى دمج الطاقوي، يفتح آفاقا كبيرة أمام مشاريع توظيف والتحكم في الطاقات المتجددة والنظيفة”.
وتقوم الشركة حاليا حسب المتحدث، بتجريب هذه التكنولوجيا الحديثة من خلال انشائها لمحطات نموذجية مصغرة لتوليد الطاقة الكهربائية من خلال الألواح الشمسية بكل من محطات تحلية البحر ببني صاف وهنين بالغرب، وسكيكدة بالوسط كتجربة أولى، مشيرا إلى “فرضية إنجاز محطات لإنتاج الطاقة المتجددة بسعة كبيرة مستقبلا في كل من مناطق الجنوب والهضاب العليا بحكم توفرها على مخزون وإمكانيات كبيرة في هذا المجال الطاقات المتجددة”.
واعتبر زغميش أن مشروع الدمج الطاقوي على مستوى محطات تحلية هو قيد الدراسة، في انتظار إصدار النصوص القانونية المتعلقة بالانتقال الطاقوي.
الطّاقـة المستقبلية
لا يقتصر تحدي الانتقال الطاقوي الذي تسعى الشركة الجزائرية للطاقة إلى كسبه على استغلال الطاقة الشمسية فقط، بل تم إطلاق حاليا دراسات جدوى لمشروع إنتاج الهيدروجين الأخضر في محطات تحلية مياه البحر.
وفي هذا الشأن، كشف مدير التطوير زعميش أنه “سيتم تصنيع الهيدروجين الأخضر في محطات تحلية مياه البحر وفق مبدأ التحليل الكهربائي الذي يفصل الأكسجين عن الهيدروجين في الماء، والذي سيسترجع على شكل غاز سيتم استغلاله في انتاج الطاقة الكهربائية”، مشيرا الى أنه خلال عملية تحلية مياه البحر تذهب 45 بالمائة إلى التزويد بالماء الشروب بعد اعادة معدنتها، فيما يتم صرف 55 بالمائة الباقية في البحر بعد معالجتها، وفقا للمعايير الدولية.
وتدرس الشركة للجزائرية للطاقة حاليا، حسب ذات المسؤول، “امكانية استغلال 55 بالمائة في انتاج الهيدروجين الاخضر لاستغلاله في انتاج الطاقة الكهربائية”.
لكن يستلزم المشروع دراسة محكمة من باب التأمين وتوفير كل سبل السلامة، لأن الهيدروجين مادة قابلة للانفجار وبالتالي يحتاج مشروع إنتاج الطاقة من خلاله توفير أوعية عقارية مؤمنة وبعيدة عن النسيج العمراني والمناطق السكنية، كما يستلزم المشروع إيجاد حلول لتقليص تكلفة الإنتاج التي ما زالت مرتفعة، وهي محل بحث وتفكير عند جل دول العالم في المرحلة الراهنة.
وتفتح هذه المعضلة اليوم الآفاق واسعة أمام مراكز البحث العالمي في الجامعات والمخابر للخوض فيها واستنتاج حلولها، فيما سيفتح أيضا الوصول إلى انجازها مناصب شغل عديدة، ممّا يؤكد انخراط مجمع سوناطراك وفرعه الجزائرية للطاقة كشريك اقتصادي في مسار التنمية المستدامة.
للتذكير، تقوم الشركة الجزائرية للطاقة اليوم بتسيير 14 محطة لتحلية مياه البحر بسعة 3.72 مليون متر مكعب في اليوم، وهي السعة المقرر رفعها قريبا لتصل نسبة 42 بالمائة مع دخول حيز الخدمة المحطات الخمس الأخرى التي هي في طور الإنجاز وفق البرنامج الاستعجالي2021 - 2025، إضافة الى مشروع المحطات 6 المندرجة في آفاق 2025-2030، حيث سترتفع نسبة الإنتاج اليومي إلى 60 بالمائة، ويتم بذلك كسب رهان توفير الأمن المائي، وفتح الآفاق لكسب تحدي الدمج الطاقوي.