الخبـير المختص الدكتور محمد بوجـلال لـ”الشّعب”:

الماليـة الجديـدة قدّمـت تمويلات بقيمة 505 مليار دينار

هيام لعيون

الصيرفة الإسلامية تعرف نموا مطردا لـدى البنـوك التقليديـة واقبـالا كبــيرا

أقرت الإصلاحات المالية في الجزائر، منذ الشروع فيها خلال السنوات الأولى للعهدة الرئاسية السابقة للرئيس عبد المجيد تبون، أدوات جديدة للسياسة النقدية، تستهدف جعلها أكثر نجاعة وتعزز آليات انتقالها، حيث يتيح تكييف أدوات التدخل على مستوى السوق النقدية مع خصوصيات العمليات المصرفية، لاسيما تلك المتعلقة بالصيرفة الإسلامية التي تعرف نموا مطردا لدى البنوك التقليدية، والشبابيك الإسلامية في البنوك التي تعرف إقبالا كبيرا على حساباتها.

من شأن الخدمات الإسلامية التي انطلقت سنة 2020، أن توسع من نطاق الشمول المالي وصيرفة المجتمع وتقليص حجم المعاملات خارج القطاع المصرفي أي المعاملات “الموازية”، سواء في مجال الادخار أو في مجال استثمار الأموال أو تمويل المشاريع الاقتصادية، ما سيسمح للكثير من أصحاب المشاريع وللمتعاملين الاقتصاديين، من توسيع مشاريعهم بصيغ تمويلية إسلامية متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية، ومعتمدة من قبل هيآت رقابة شرعية، تدقق في هذه العمليات وتصحح في بعض الأخطاء، التي يمكن أن تساهم في ضبط مثل هذه المعاملات من الناحية الشرعية، حتى تكون معاملات المواطنين والمتعاملين الاقتصاديين متوافقة مع أحكام الشريعة.
في السياق، أكد خبير الصيرفة الإسلامية وعضو المجلس الإسلامي الأعلى الدكتور محمد بوجلال، أن تجربة المصرفية الإسلامية، لاقت نجاحا باهرا منذ أن قررت السلطات العمومية وعلى رأسها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، توجيه البنوك العمومية لتسويق المنتجات البنكية المتوافقة مع أحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية.
وقال إن “الشبابيك الإسلامية التي أنشأتها البنوك العمومية منذ منتصف عام 2020 وباقي المؤسسات البنكية الأخرى نجحت في استقطاب ما لا يقل عن 817 مليار دج وتقديم تمويلات بما يقدر بـ 505 مليار دج استفادت منها المؤسسات بأكثر من 86% والباقي كان من نصيب الأفراد.”
وفي هذا الإطار، أبرز الخبير أن “ هذه الأرقام لا تشمل ما يحققه صندوق ضمان الصفقات العمومية من نجاح في خدمة الاقتصاد الوطني عندما أقدم مديره العام، وبترخيص من مجلس الإدارة، على تجسيد الإرادة السياسية للسيد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، بتسويق منتجات الكفالة وخطابات الضمان التي أصدرت بشأنها الهيئة الشرعية الوطنية للإفتاء للصناعة المالية الإسلامية فتوى خاصة بها والتي مكنت الصندوق وكذلك البنوك من الاستجابة لطلبات المتعاملين الاقتصاديين من القطاع العام والقطاع الخاص على هذا المنتج بالذات”.
وأشار في السياق، إلى أنه بهذه الخطوة يكون صندوق ضمان الصفقات العمومية أول مؤسسة مالية عمومية متخصصة تقدم منتجات متوافقة مع مبادئ الشريعة الإسلامية وتساهم في دعم الاقتصاد الوطني بالنظر للنتائج الجيدة التي حققها في فترة وجيزة.
وبلغة الأرقام، عاد الخبير في مجال الصيرفة الإسلامية للحديث عن هذه المعاملات المالية، وقال إن “أهمية تبني البنوك العمومية للصيرفة الإسلامية، تكمن في استحواذ هذه البنوك على أكثر من 85% من السوق المصرفية الوطنية، وعلى شبكة وكالات تتعدى 1.600 وكالة من بين 1.735 وكالة المنتشرة عبر التراب الوطني”.
وضمن هذا السياق، أشار ذات المتحدث، إلى البنك الوطني للإسكان، وهو سابع بنك عمومي تم إنشاؤه سنة 2022 (ليخلف الصندوق الوطني للإسكان)، وقال إنه “يسعى لإنشاء شباك إسلامي استجابة لرغبات المواطنين في شراء سكناتهم عن طريق المنتجات التي تقدمها البنوك الإسلامية والمتمثلة أساسا في المرابحة وفي الإجارة المنتهية بالتمليك”.
كما تطرق إلى البنوك الخاصة التي تعتمد الصيغة الإسلامية ذاتها، عندما أكد أنه “لمن الإنصاف، ذكر ما تقدمه البنوك الخاصة لدعم الصيرفة الإسلامية سواء تعلق الأمر ببنك البركة الجزائري أو مصرف السلام وكذلك البنوك التي أقدمت على إنشاء شبابيك للصيرفة الإسلامية وهي المؤسسة المصرفية العربية وبنك الجزائر الخليج وبنك الإسكان وبنك ترست .

إنشاء بنكين إسلاميين عموميين

ولأن نجاح تجربة الشبابيك الإسلامية كان مميزا وفي ظرف قصير وفي ظرف عالمي مميز شهد خلال سنة 2020 أزمة صحية ونفطية أثرت على اقتصاديات الدول الكبرى ولا تزال تبعاتها ليومنا هذا، شدد بوجلال على أن “هذا النجاح الذي تحقق في وقت وجيز يحتاج إلى دعمه بإنشاء بنكين إسلاميين عموميين، لأن الشبابيك الإسلامية حققت المبتغى وبلغت فعلا مرحلة النضج والتشبع، حيث أصبح من الضروري الانتقال إلى مرحلة جديدة تثمن النتائج المحققة وتساهم في تعبئة المزيد من الأموال لتوجيهها إلى تمويل الاقتصاد الوطني عبر القنوات الرسمية”.
وأضاف عضو الهيئة الدينية العليا في البلاد قائلا “بحيث نحصل على المعادلة الذهبية: رابح - رابح. أصحاب الودائع يحصلون على عائد حلال تطمئن به نفوسهم، والأعوان الاقتصاديون يتمكنون من تمويل مشاريعهم عن طريق الصيغ التي حازت على شهادة المطابقة الشرعية التي تصدرها الهيئة الشرعية الوطنية بالمجلس الإسلامي الأعلى”.

ضرورة تعميم الدعم

وتطرق الخبير في الصيرفة الإسلامية، إلى “الحاجة الماسة لتعميم الدعم الذي تقدمه السلطات العمومية عن طريق البنوك التقليدية بتخفيض سعر الفائدة على بعض القطاعات كالصناعة والفلاحة والسياحة، وقال “ تعميم الدعم ليشمل الصيرفة الإسلامية، على غرار ما تم على مستوى تمويل السكن العمومي الترقوي للأفراد حيث استحسن المواطن الجزائري صدور المرسوم التنفيذي 24-232 الذي يتعلق بخفيض نسبة الفائدة وكذا النسبة من هامش الربح على القروض العقارية التي تمنحها البنوك والمؤسسات”.
وبرر اقتراحه هذا بالقول إنه “في غياب هذا التعميم على النشاط الاستثماري، سيكون من العسير ضخ الأموال المعبأة من طرف البنوك الإسلامية في شريان الاقتصاد الوطني، وهذا ما يفسر أن 14% من الودائع تبقى حبيسة الأدراج في البنوك في غياب المساواة بين القروض الكلاسيكية والتمويلات الإسلامية”.
وفي منظور آخر، أشار ذات الخبير إلى أن قانون المالية لعام 2025، قد وضع الإطار القانوني للصكوك السيادية، أي الصكوك الإسلامية وهي أوراق مالية تصدرها الخزينة العامة وتسمى صكوكا سيادية أو تصدرها مؤسسات القطاع الخاص، وهو ما سيمكن الدولة من تنويع مصادر التمويل لمشروعاتها الربحية.
وخلص المتحدث إلى الإشارة إلى ضرورة التطرق لنشاط التأمين الإسلامي (التكافلي)، إضافة إلى التمويل الخيري من أوقاف وزكاة، ضمن مجال الصناعة المالية الإسلامية في الجزائر، والتي تعرف تطورا ايجابيا منذ تاريخ إطلاقها في سنة 2020. حيث تبتكر منتجات مالية تستجيب لمتطلبات الحياة المعاصرة، في وقت تسوق البنوك حاليا عدة منتجات إسلامية ابتكارية تتلاءم مع احتياجات الزبائن في مختلف المجالات.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19669

العدد 19669

الخميس 09 جانفي 2025
العدد 19668

العدد 19668

الأربعاء 08 جانفي 2025
العدد 19667

العدد 19667

الثلاثاء 07 جانفي 2025
العدد 19666

العدد 19666

الإثنين 06 جانفي 2025