الخبير الاقتصـادي.. الهواري تغـرسي لـ”الشعب”:

استعـادة أمـوال السـوق الموازيـة يرفـع النـاتج الـداخلي الخام

فضيلة بودريش

ضـــرورة إنشاء بنــك إسلامي عمومي مستقـل مرتبــط بقطـــاع السكـن

دعا الخبير الاقتصادي الهواري تغرسي، إلى إطلاق المزيد من الإصلاحات العميقة لإنجاح جهود ومساعي تكريس هندسة دقيقة لنجاعة الصناعة المالية، مرافعا باستماتة لأهمية إنشاء بنك إسلامي للسكن وتحرير الصيرفة الإسلامية من الخدمات المالية الكلاسيكية حيث تكون خدمات قائمة بذاتها في بنوك عمومية مستقلة، مقدما حلولا ملموسة لاستقطاب أكبر لمكتنزات السوق الموازية وضخها في المنظومة المالية والمصرفية.

رسم الخبير الاقتصادي الهواري تغرسي بنظرة تقييمية واقع الخدمات المالية الإسلامية، مسلطا الضوء على الدور الذي تقوم به وحجم الإقبال المسجل منذ انطلاقها بقوة منذ عام 2020، وفي البداية حاول الخبير تقديم شرح مفصل والمتمثل في تحديد الفرق بين البنوك الإسلامية ونظيرتها الكلاسيكية، وحصر ذلك في الجانب العقائدي والديني.
 وفي سياق متصل، اعترف تغرسي الملم في تحليلاته الاقتصادية بالجانب المالي، بتسجيل إقبال كبير ومهم على هذا النموذج من الخدمات المالية، ومحاولة السوق الرسمية استقطاب أموال تتحرك ضمن نطاق السوق الموازية، وقدر الأموال الناشطة في الدائرة غير الرسمية بما يتراوح بين 80 و100 مليار دولار، في ظل غياب الأرقام وصعوبة الوقوف على حجمها بشكل دقيق، وإلى جانب تطرقه إلى السعي نحو إيجاد طرق لاستقطاب كتلة معتبرة، على اعتبار أنه تم إطلاق أزيد من 10 منتجات لخدمات المالية الإسلامية، ووصفها بحلول مرتبطة بالدين والعقائدية، وقال أن المستهلك الجزائري حر في الولوج إلى هذه السوق المالية.
وعلى صعيد تشجيع المتعاملين الاقتصاديين والتجار الذين تتوفر لديهم كتلة مالية مهمة، تطرق تغرسي إلى طريقة تشجيع أكبر، لضخ المزيد من الأموال المكتنزة وانتقالها التلقائي من السوق الموازية نحو السوق الرسمية، مؤكدا وجود أموال معتبرة لدى التجار وبعض المتعاملين الاقتصاديين، على مستوى السوق الموازية غير أن هاجس الرسوم الجبائية والتخوف من المحاسبة يجعلهم يترددون في ضخها على مستوى المنظومة البنكية.
واقترح الخبير الاقتصادي حل هذه الإشكالية من خلال إيجاد معايير وحلول بهدف استقطاب هذه الأموال واسترجاع ثقة أصحابها وإقناعهم بالانتقال إلى السوق المالية الرسمية، لأنها تعد الأفضل والطبيعية لحركية هذه الأموال، لأن إضفاء الشفافية في استقطاب هذه الأموال كما يتفق عليه الخبراء في الصيرفة الإسلامية يزيل الكثير من التخوفات وفي نفس الوقت ينجح مساعي استقطاب الأموال وانتقالها من الاكتناز إلى دائرة الادخار.
ووفق المقاربة المالية، أكد تغرسي أنه كلما زادت وتيرة حركية الكتلة النقدية وتدفق السيولة ازداد ونما الناتج الداخلي الخام، داعيا إلى ضرورة الاستفادة من النظريات الاقتصادية في هذا المجال.

مراجعة نسب الفائدة

وأثار الخبير الاقتصادي تغرسي مسألة جوهرية حاسمة، تعد مفتاحا حقيقيا لاستقطاب الزبائن نحو منتجات المالية الإسلامية والمتعلق بضرورة إعادة النظر في معدلات الفائدة على اعتبار أنها ترتفع كثيرا على مستوى خدمات الشبابيك الإسلامية في حين تنخفض على صعيد البنوك الكلاسكية، ولأن المستهلك الجزائري ينجذب ويهمه كثيرا معدل الفائدة وعامل الربحية، مقترحا إدخال الجانب الاجتماعي في هذه النقطة التي وصفها بالمركزية، بحيث تكون نسبة الفائدة تساوي أو تقل عن معدلات الفائدة على مستوى البنوك والخدمات الكلاسيكية لاستقطاب أكبر قدر من الأموال.
كما دعا الخبير في سياق متصل إلى أهمية التفكير في إنشاء بنك إسلامي عمومي مستقل مرتبط بقطاع السكن، لأن الإشكالية المطروحة من طرف العديد من المواطنين حسب الخبير تيغرسي، تكمن في أن الشباك الإسلامي على مستوى البنك الكلاسيكي، يتوفر على مزيج بين الأموال الإسلامية ونظيرتها التقليدية وهذا ما يرفضه بعض المواطنين، ويعتقد الخبير أنه حان الوقت لتحرير الصيرفة الإسلامية لأن عنصر المخاطرة سيظهر أكثر عندما يفصل في التمويل في الشباك الإسلامي والكلاسيكي.
ومن بين مقترحات الخبير، نذكر ضرورة التوجه من أجل مرافقة الاستثمار الحقيقي وإنتاج الثروة، وقال أنه من المستبعد أن تمارس البنوك الإسلامية نفس عادات البنوك الكلاسيكية على غرار عملية اقتناء السيارات، مشددا على أهمية مرافقة الفلاحين في منطقة الجنوب الكبير، على اعتبار أن ربحية الفلاح في الجنوب مضمونة بنسبة 100 بالمائة ودافع عن مقترح إقحام البنوك الإسلامية في تمويل المشاريع الإستراتيجية، إلى جانب ترقية وتكوين المورد البشري ومنح نظرة جديدة وإيجابية عن صناعة المالية الإسلامية، في ظل الإقبال الكبير على خدماتها من طرف المواطن الجزائري.
وتحدث تغرسي في جملة المقترحات عن أهمية انفتاح البنوك الإسلامية على إصلاحات منظومة التسيير والامتيازات، ومن ثم الارتقاء إلى نوعية الاستثمارات الضخمة والمهمة، على خلفية أن الأموال معتبرة، والحاجة في الوقت الراهن إلى إصلاحات عميقة للبنوك، مشيرا في نفس الوقت إلى أن شبابيك الصيرفة الإسلامية تتواجد على مستوى 10 ولايات فقط، ويتطلب الأمر توسيع نطاقها من حيث التوطين وإرساء منظومة رقمية لتسهيل المعاملات التجارية من أجل بلوغ 50 بالمائة من امتصاص السوق الموازية حسب تقديره.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19669

العدد 19669

الخميس 09 جانفي 2025
العدد 19668

العدد 19668

الأربعاء 08 جانفي 2025
العدد 19667

العدد 19667

الثلاثاء 07 جانفي 2025
العدد 19666

العدد 19666

الإثنين 06 جانفي 2025