أكد المحلل الاقتصادي عبد الرحمن هادف، أن مع التحولات التي تعرفها المنظومة الاقتصادية العالمية اليوم وكذا التحولات الجيوسياسية، أصبح من الضروري أن يكون هناك تطور جديد في مجال الشراكة السياسية والاقتصادية بين الجزائر وتونس وموريتانيا وليبيا.
اعتبر المتحدث أنه أصبح من الضروري أن يكون لدينا اليوم الميكانيزمات التي تسمح بتعزيز هذه الشراكة على جميع المستويات، سواء على المستوى الاستراتيجي وكذا على المستوى العملياتي، وحتى على المستوى السياسي.
وقال “أعتقد أن هناك إرادة حقيقية اليوم بالنسبة لرؤساء الدول الجزائر وتونس وليبيا وموريتانيا، للمضي في هذا التصور الجديد وفي هذا المسار، نرى اليوم على المستوى العملياتي هناك انخراط لمنظمات أرباب العمل لتجسيد هذه الرؤية الجديدة وهذه الاتفاقية التي تم إبرامها مع مجلس التجديد الاقتصاد الجزائري وهي من بين الميكانيزمات التي ستسمح للمتعالمين الاقتصاديين للدول بتكوين شراكات حقيقية وتجسيد تصور استراتيجي، يجعل من هذا التكتل قوة اقتصادية ويمكن من رفع التحديات التي تواجهها اقتصاديات هذه الدول معا، منها تحديات التنمية الاقتصادية وتحديات الاستقرار السياسي وتحديات التغيرات المناخية وظاهرة الهجرة، وغيرها من التحديات التي تتشارك فيها هذه الدول”.
وأشار إلى أنه لا يخفى على الجميع، أن الجزائر في مرحلة تحول اقتصادي شامل ومن بين ركائز هذا التحول، الانفتاح على الأسواق العالمية، كما أن محور الجزائر تونس طرابلس محور هام في الاندماج الاقتصادي الإقليمي، ويعتبر أيضا خيارا جيوسياسيا مهما، في ظل الكثير من الرهانات الكبرى التي يجب العمل عليها في إطار جماعي.
ويعتبر هذا المحور من بين المحاور المهمة للمنطقة بحسب المتحدث، لأنه يشكل همزة وصل بين الجنوب الذي يمثل أحد أكبر الأسواق من وجهة نظر النمو وفيه إمكانيات كبيرة، خاصة مع دخول حيز التنفيذ اتفاقية التبادل الحر للقارة الإفريقية، وبين الجهة الشمالية مع أوروبا التي هي في حالة إعادة بعث لاقتصادها، ويمكن أن يكون هذا التكتل من بين أهم الشركاء بالنسبة لها إذا اتجهنا للعمل وتكلمنا بصفة جماعية، وهذا ما تريده الجزائر، أن يكون هناك تكتل يهتم بأولويات المنطقة وتحدياتها ويرفع صوت وكلمة القارة الإفريقية بصفة عامة.
وأكد المحلل الاقتصادي عبد الرحمن هادف، أن آفاق هذا التكتل أو المحور جد واعد، لأن هذه الآفاق ستكون بقدر الرهانات، وبالتالي سيكون له دور مهم على المستوى الجيوسياسي وكذلك على المستوى الاقتصادي من خلال الشراكة الاقتصادية، حيث يعتبر هذا التكتل متكاملا لأن هذه الدول تزخر بمقومات على غرار الموارد الطاقوية والقدرات الإنتاجية، وبالتالي هذا سيسمح للتكتل بأن يكون له دور مهم في الاندماج الاقتصادي القاري، خاصة أن من بين أكبر الرهانات التي تعمل عليها القارة الإفريقية، رهان التنمية، وبالتالي فإن هذا التكتل سيكون له دور كبير في بعث عجلة التنمية على المستوى الإفريقي.
وعلى مستويات أخرى فإن هذه الشراكة ستكون متنوعة من القطاع الصناعي إلى قطاع المحروقات إلى قطاع الخدمات من لوجيستيك ونقل إلى قطاع التجارة وغيرها.
وبالنسبة لما يتعلق بالقطاع الصناعي هناك مجالات لهذه الدول أن تتميز فيها كالصناعة الصيدلانية وصناعة الأجهزة الإلكترونية والكهرومنزلية والصناعات الغذائية، وهناك عمل اليوم على مستوى قطاع صناعة السيارات، حيث نرى أن هناك تقدما كبيرا في تونس وهناك عمل في الجزائر وفي ليبيا وموريتانيا، وينتظر أن تكون هناك الكثير من الشعب الصناعية التي سيتم العمل على تطويرها، كما أن هناك آفاق للشراكة في عدة مجالات وقطاعات.
وتحدث المحلل الاقتصادي، عن أهمية هذه الشراكة بالنسبة للجزائر، مشيرا إلى أن الجزائر بصدد تفعيل كل مقوماتها في القطاع المنجمي، وكل هذا سيكون له أثر إيجابي وعلى هذا التكتل إذا وضعنا الميكانيزمات اللازمة من أجل تفعيله.
وذكر بأن هذا التكتل سيسمح بتأسيس شراكات إستراتيجية في قطاعات حيوية بالنسبة للجزائر اليوم وهي بصدد تجسيد مشروع تحول اقتصادي بامتياز، يرتكز على نوعية الشراكات والتحالفات التي تؤسس لها الجزائر على المستوى الإقليمي والقاري، من أجل الاندماج في سلاسل القيم العالمية والإقليمية.
وأكد أن الجزائر يمكنها من خلال هذا التكتل، التحسين من إدارة القطاع الصناعي الذي أصبح من بين أولويات مشروع التحول الاقتصادي، نفس شيء في مجال القطاع الخدماتي خاصة كل ما يتعلق بالاقتصاد الرقمي واقتصاد المعرفة، وكذا بالنسبة للقطاع الفلاحي الذي يعد رهانا كبيرا من أجل تحقيق الأمن الغذائي.
كما اعتبر بأن هذا التكتل، سيعزز من مكانة الجزائر وسيكون له دور أيضا جيوسياسي على المستوى الإقليمي والقاري وهذا سيمكن هذه الدول من لعب دورها، لأنها من بين الدول الرائدة على المستوى القاري، مؤكدا أن الاجتماعات التي ستنعقد في هذا الشأن سيكون لها دور من أجل تصور المرحلة القادمة، خاصة في إعدادات الميكانيزمات التي ستسمح بتفعيل هذه الشراكات، مثل الجانب المتعلق بالمنظومة المالية والمنظومة الجمركية والمنظومة البنكية، نفس الشيء بالنسبة لحركة تنقل البضائع والأشخاص.
وأيضا بالنسبة للسياحة والفندقة التي أصبحت اليوم من المجالات ذات أولوية كالقطاعات الصناعي والفلاحي وقطاع الخدمات خاصة قطاع الخدمات الرقمية، وبالتالي أصبح من الضروري أن يكون هناك عمل على التنسيق، من أجل أن التأسيس لمشاريع متكاملة في هذا المجال وهذا التصور الذي يصبو إليه التكتل خلال المرحلة القادمة وعلى المدى الاستراتيجي البعيد.