قبلة سياحية للزوار من جميع ولايات الوطن
استفادت الجزائر العاصمة خلال السنوات الخمس الأخيرة من إنجاز عدد من المشاريع التي غيّرت وجهها، وأضفت عليها طابعا جماليا، جعل منها قبلة سياحية للزوار من جميع ولايات الوطن، والسياح من مختلف الدول، سيما وأنّ عاصمة البلاد قد صنّفت ثاني أفضل وجهة سياحية في العالم لعام 2024، وهذا ما يعطي دفعا أكبر لتسريع وتيرة الأشغال، وتحويل الجزائر العاصمة إلى الوجهة السياحية الأولى متوسطيا وعالميا.
تتعدّد المنشآت والصّروح العمرانية التي دشّنت خلال العهدة الرئاسية الاولى لرئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، والتي تم إطلاقها على طول سواحل العاصمة، خلال ذات الفترة، ولعل أبرزها من حيث الرمزية المعمارية والثقافية، جامع الجزائر الأعظم، إلى جانب ملعبي نيلسون مانديلا ببراقي وعلي عمار المدعو علي لابوانت بالدويرة، اللذين يضاهيان المنشآت الرياضية الدولية.
ويتواصل مشروع عصرنة العاصمة عبر مخطط ضخم، يركّز على تسريع أشغال ترميم القصبة العريقة، إلى جانب تهيئة الواجهة البحرية للجزائر العاصمة، وإدراج النمط العصري في تشييد المنشآت الجديدة، وكلها مشاريع ضخمة تحظى بالعناية الفائقة والمتابعة الدقيقة من طرف السلطات العليا للبلاد، ما يضع “المحروسة” على طريق التحول إلى واحدة من أبهى عواصم المتوسط.
جامع الجزائر..مركـز الإشعـاع الرّوحـي
جامع الجزائر” مركز إشعاع روحي، وصرح ديني وعلمي وثقافي وسياحي” بامتياز، شيّد ليعرّف بالقيم الأصيلة للإسلام، لا سيما تلك المتعلقة بالتسامح، والوسطية، والاعتدال، ونشر ثقافة العيش معا بسلام، والسعي لإحداث تأثير ديني وعلمي على الصعيدين الوطني والدولي، من خلال تكوين جامعي ذي مستوى، ودعم البحث والدراسات المتخصصة في المجال الديني، إلى جانب تطوير السياحة الدينية وتشجيعها.يضم هذا الصرح العملاق عددا من المرافق منها دار القرآن، وهي عبارة مدرسة عليا لدراسات الدكتوراه وتكوين العلماء في تخصصات علوم الدين والشريعة، والعمارة الإسلامية، ومكتبة جامع الجزائر الموجهة لمرافقة الباحثين والطلبة في مختلف هذه التخصصات العلمية قوامها مليون كتاب، إضافة إلى المركز الثقافي الذي يضم مجموعة من القاعات الفخمة للمؤتمرات والندوات والمعارض الفنية والمشغولات اليدوية، ومنارة جامع الجزائر وهي الأعلى في العالم بارتفاع 265 متر، إلى جانب متحف الحضارة، ومركز البحوث والدراسات الإسلامية، وهما هيئتان متكاملتان تؤديان رسالة حضارية للأمة الإسلامية قاطبة، تضاف إلى ذلك الحدائق والمساحات الخضراء.ويعد جامع الجزائر ثالث أكبر مساجد العالم، بعد الحرمين الشريفين بمكة المكرمة والمدينة المنورة، وهو أكبر مساجد إفريقيا على الإطلاق، بمساحة تبلغ 400.000 متر مربع، يضم مسجدا ضخما للصلاة، يسع لـ 32000 مصلّ، وتصل طاقة استيعابه إلى 120 ألف مصل.
واجهة بحريـة حديثـة
وفي إطار المخطّط الأزرق الذي يهتم بتهيئة الواجهة البحرية للعاصمة، أطلقت مشاريع على امتداد خمسين كلم على طول الشريط الساحلي لتهيئة تلك الفضاءات، واستغلالها من أجل خلق نشاطات لفائدة المواطنين.
ففي وسط العاصمة نجد ساحة ميناء النزهة والصيد في مقابل المسمكة، الذي أقيم بعد إزالة الجدران التي كانت تغطي الإطلالة على البحر، وتحول المكان إلى ساحة مفتوحة للمواطنين، تتوفر على مقاعد للاستراحة وأماكن لتناول الوجبات، في انتظار استكمال باقي الأشغال لربط شارع زيغود يوسف بساحة النزهة والصيد ببناء جسر يصل الكورنيش بالساحة، ليتسنى للمارة الوصول إليها بسهولة، مع إطلاق مشروع طموح لربط دهاليز ساحة الشهداء والقصبة بالبحر، والذي سيعيد الجزائر لبعدها الحضاري.
وإلى الشرق منه مقابل جامع الجزائر، تشهد منطقة الصابلات أشغالا متواصلة لاستكمال تهيئتها، وجعلها قبلة للزوار والسياح المحليين والأجانب، وهي التي كانت فضاء للاحتفالات المخلدة لسبعينية الثورة، وتزينت بمختلف النصب التذكارية لدول عربية وأفريقية.
وتشمل تهيئة الواجهة البحرية أيضا تهيئة وادي الحراش، الذي بلغت نسبة الأشغال به 80 % مع إقامة منتزهات على طول الوادي، بالتوازي مع العمل على تنقية مياهه عبر محطة براقي.
وعلى الجهة الغربية يشهد شاطئ كيتاني توسعة لربح مساحة أكبر داخل البحر وتهيته، من ملعب فرحاني مرورا بساحة كيتاني وصولا إلى الأميرالية، وتنضوي الأشغال على إنجاز فضاءات ومرافق للتسلية والترفيه، وأخرى لممارسة الأنشطة الرياضية وأماكن للراحة.
وعلى طول الشريط الساحلي، ستبنى عمارات شاهقة على ارتفاع 30 طابقا، بواجهة زجاجة تطل على المتوسط، وبنمط عمراني عصري يستوفي معايير الجمال العمراني الحديث.
القصبة عنايـة خاصّـة
تندرج تهيئة قصبة العاصمة، هذه المدينة العتيقة المصنفة ضمن التراث العالمي لليونيسكو، ضمن المخطط الأبيض لإعادة ترميم البنايات القديمة لمدينة الجزائر، وقد خصّصت لذلك لجنة تحت إشراف وزارة الداخلية وولاية العاصمة من أجل التسريع في عملية إعادة تهيئة تلك المناطق الأثرية كما هو الأمر مع جامع كتشاوة، وإعادة الترميم لعدد من العمارات التي تعود إلى الفترة الاستعمارية، والتي تم ترميم الكثير منها وطلاء واجهاتها ما ضخ روحا جديدة فيها، ومنح رونقا وجمالا خاصا لأحياء العاصمة.
وفي إطار المخطط الأبيض، تمّت تهيئة وتأهيل سبعة مشاريع وهي مسجد الداي ودار البارود بقلعة الجزائر، دار بوحيرد، ضريح سيدي عبد الرحمان الثعالبي، دار بشطارزي، وعمارتين بشارع أوسليماني، وكذا تهيئة 143 عمارة تضم 1515 شقة بالقصبة السفلى، ومقهى الفنانين “الحاج العنقى”، إلى جانب 12 مشروعا في طور التهيئة والتأهيل، على غرار قصر الداي بقلعة الجزائر، وقصر البايات بقلعة الجزائر، وجامع البرّاني، واثنتين من الدويرات المجاورة، وقصر حسان باشا وغيرها من القصور والمعالم، بالإضافة إلى ستة مشاريع أخرى في طور الانطلاق، وأربعة مشاريع أخرى ستطلق الدراسات الخاصة بها، حسبما أوردته ولاية الجزائر في بيان لها.
ملاعـب عالمية ومرافق
وفي إطار توفير مرافق الترفيه والتسلية، تم تشييد ملعبين بالجزائر العاصمة، أحدهما ببراقي والآخر بالدويرة، وقد تم افتتاح الأول بتاريخ 12 جانفي 2023، أشرف على تدشينه رئيس الجمهورية السيد، عبد المجيد تبون، وحمل اسم أيقونة الكفاح ضد الأبارتايد “نيلسون منديلا”، ويتسع الملعب لـ 40 ألف متفرج، ويرتقب أن يتم تشييد محطة مركزية للسكة الحديدية والتي ستكون بمحاذاة الملعب، حيث تتوفر هذه المحطة على مركز تجاري وفندق، وكذا مرأب يتسع لي 1000 سيارة للركن الى جانب مشاريع أخرى تتعلق بالطرقات.
وإلى جانبه نجد ملعب الدويرة الشهيد علي عمار المدعو “على لابوانت، والذي أشرف رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، على تدشينه يوم 03 جويلية 2024، ليضاف إلى قائمة الملاعب المستغلة، ويتسع هو الآخر لـ 40 ألف متفرج. ونظرا لجمالية الملعبين وطريقة تشييدهما وما يتوفران عليه من مرافق، أثارت إعجاب الجمهور الرياضي في الجزائر وخارجها، فإنهما يضافان إلى الصروح التي غيرت وجه العاصمة.
وكل هذه المشاريع التي تم استلامها في مناسبات وطنية خالدة، وإلى جانب مشاريع أخرى جاري إنجازها بمعايير جمالية خاصة، على غرار المبنى الجديد لوزارة السكن والعمران والمدينة بعين الله، يراد منها جعل “المحروسة” قِبلة سياحية فاخرة، تعرّف العالم بأمجاد الجزائر وتاريخها الضارب في عمق الزمن، وذلك ما يتماشى والطموح الكبير لرئيس البلاد في الرقي بالجزائر إلى المكانة التي تستحقها بين الدول الكبرى، سياسيا واقتصاديا ثقافيا وسياحيا.
يذكر، أنّ رئيس الجمهورية ولدى متابعته لمخطط عصرنة العاصمة، أكد على وضع مخططات خماسية لاستكمال المنشآت المتبقية ضمن المخطط مع احترام الآجال، ليتم الانتقال بعدها إلى ولايات أخرى، مثل قسنطينة، التي ستأخذ نصيبها من العناية الفائقة لما تحوز عليه من تاريخ وإرث حضاري كبير، على أن تنتقل عمليات العصرنة إلى كل الولايات.